للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله عَزَّ وَجَلَّ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ}؛ أي: لَمْ يَصْعُبْ عليه ذلك، يقال: عَيِيتُ بالأمْرِ أعْيا، وكذلك: عَيِيتُ بالجواب: إذا لَمْ تَتَّجِهْ لَهُ (١)، وفَي فُلَانٌ بِأمْرِهِ: إذا لَمْ يَهْتَدِ له، ولَمْ يَقْدِرْ عليه.

وقوله: {بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} وهم أضْعَفُ خَلْقًا من السماوات والأرض، وهذا احتجاج على من أنكر البعث، قرأ العامة: {بِقَادِرٍ} بالباءِ والألفِ على الاسم، واختلفوا فِي وجه دخول الباء فيه، فقال أبو عبيدة (٢) والأخفش (٣): الباء زائدة مؤكدة، وهي صلة كقوله تعالى: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} (٤).

وقال الفراء (٥) والكسائي (٦) والزجاج (٧): الباء فيه دخلت للاستفهام والجحد في أول الكلام، كقوله تعالى: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ} (٨)، والعرب تُدْخِلُها في الجحود إذا كانت رافعةً لِما قبلها كقول الشاعر:

٢٤٨ - فَما رَجَعَتْ بِخائِبةٍ رِكابٌ... حَكِيمُ بْنُ المُسَيَّبِ مُنْتَهاها (٩)


(١) قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة ٢١/ أ، وينظر: تهذيب اللغة ٣/ ٢٥٩.
(٢) مجاز القرآن ٢/ ٢١٣.
(٣) معانِي القرآن للأخفش ص ٤٧٨.
(٤) المؤمنون ٢٠.
(٥) معانِي القرآن ٣/ ٥٦، ونص الكلام له.
(٦) ينظر قوله فِي إعراب القرآن للنحاس ٤/ ١٧٤، الكشف والبيان ٩/ ٢٤، الوسيط ٤/ ١١٦، تفسير القرطبي ١٦/ ٢١٩.
(٧) معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٤٤٧.
(٨) يس ٨١.
(٩) البيت من الوافر للقُحَيْفِ العُقَيْلِيِّ.
التخريج: معانِي القرآن للفراء ٣/ ٥٧، معانِي القراءات للأزهري ٢/ ٣١٣، الكشف والبيان ٩/ ٢٤، عين المعانِي ورقة ١٢٢/ ب، شرح التسهيل لابن مالك ١/ ٣٨٥، اللسان: منى، =

<<  <  ج: ص:  >  >>