للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنها، فينظرون إليها، وانتصب {يَوْمَ} على إضمار فعل تقديره: واذكر يا محمد يوم يُعْرَضُ الذين كفروا على النار، وقد تقدم نظيرها في هذه السورة (١) {أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ}؛ أي: فَيُقالُ لهم: {أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ} لهم المُقَرِّرُ بذلك: {فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٤)}.

قوله تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، وهذا قول ابن عباس وقتادة (٢)، وقال مقاتل (٣): هم سِتّةٌ: نُوحٌ صَبَرَ على أذَى قَوْمِهِ، وإبراهيمُ صَبَرَ على النار، وإسحاقُ صَبَرَ على الذبح، ويعقوبُ صَبَرَ على فَقْدِ الوَلَدِ وذَهابِ البَصَرِ، ويوسفُ صَبَرَ في البئر والسجن، وأيوب صَبَرَ على الضُّرِّ، وقال الكلبي (٤): هم الذين أُمِرُوا بالجهاد والقتال، فأظهروا المكاشفة، وجاهدوا في الدين، وهذا قول السُّدِّيِّ، وقال أهل المعانِي والتحقيق (٥): كل الرسل أولو العزم، ولَمْ يَبْعَث اللَّهُ رسولًا إلّا كان ذا عَزْمٍ وحَزْمٍ ورَأْيٍ وكَمالِ عَقْلٍ، وإنما دخلت "مِنْ" للتجنيس لا للتبعيض، كما يقال: شَرَيْتُ أكْسِيةً مِنَ الخَزِّ، وَأرْدِيةً مِنَ البَزِّ (٦)، وكأنه قيل له: اصبر كما


(١) الآية ٣٢٠/ ٥١.
(٢) ينظر: الكشف والبيان ٩/ ٢٥، الوسيط ٤/ ١١٦، الكشاف ٣/ ٥٢٨، المحرر الوجيز ٥/ ١٠٧، تفسير القرطبي ١٦/ ٢٢٠.
(٣) ينظر: الكشف والبيان ٩/ ٢٥، الوسيط ٤/ ١١٦، الكشاف ٣/ ٥٢٨، المحرر الوجيز ٥/ ١٠٧، تفسير القرطبي ١٦/ ٢٢٠.
(٤) ينظر: الكشف والبيان ٩/ ٢٥، الوسيط ٤/ ١١٦، تفسير القرطبي ١٦/ ٢٢٠.
(٥) هذا قول ابن عباس وابن زيد، ينظر: جامع البيان ٢٦/ ٤٩، الكشف والبيان ٩/ ٢٥، الوسيط ٤/ ١١٦، المحرر الوجيز ٥/ ١٠٧، تفسير القرطبي ١٦/ ٢٢٠.
(٦) فعلى هذا تكون "مِنْ" مثلها في قوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ}، وهذا قول مقاتل وعَلِيِّ ابن مَهْدِيٍّ الطَّبَرِيِّ. ينظر: الكشف والبيان ٩/ ٢٥، الوسيط ٤/ ١١٦، عين المعانِي ورقة ١٢٢/ ب، الفريد للهمداني ٤/ ٣٠٣، البحر المحيط ٨/ ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>