للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كفار مكة، كفروا بتوحيد اللَّه، وصَدُّوا الناسَ عن الإسلام، وقوله: {أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}؛ أي: أبْطَلَها اللَّهُ وأذْهَبَها، حتى كأنها لَمْ تَكُنْ؛ لأنهم لَمْ يَرَوْا في الآخرة لها ثوابًا.

و {الَّذِينَ} في موضع رفع بالابتداء، وهو اسم ناقص، و {كَفَرُوا} من صلته، و {صَدُّوا} معطوف على {كَفَرُوا} (١)، ومن العرب من يقول: "اللَّذُونَ" (٢)، فيجعله مُسَلَّمًا.

قوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا} وَصَدَّقُوا بتوحيد اللَّه {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} يعني أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، {وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ}؛ أي: صَدَّقُوا بما نُزِّلَ عليه من آيات القرآن {وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ}؛ يعني: سَتَرَها عنهم، وغفرها لهم {وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (٢) يعني: حالهم، والبال: الحال في هذا الموضع (٣)، وجمعه بالَاتٌ (٤)، وقد يكون في غير هذا الموضع القَلْبَ، يقول القائل: لَمْ يَخْطُرْ هذا على بالِي؛ أي: قلبي (٥).


(١) قاله النحاس في إعراب القرآن ٤/ ١٧٧.
(٢) المصدر السابق ٤/ ١٧٨، وقد تقدم مثل ذلك في آخر سورة الروم ٢/ ٥٠.
(٣) قاله قتادة والمبرد والنقاش، ينظر: شفاء الصدور ورقة ٢٢/ ب، وقال ابن الأنباري: "والبال مُذَكَّرٌ، وهو الحال، قال اللَّه تعالى: {وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ}. المذكر والمؤنث ١/ ٥٣٩، وينظر قول المبرد في الوسيط ٤/ ١١٨، وزاد المسير ٧/ ٣٩٦.
(٤) قاله الثعلبي في الكشف والبيان ٩/ ٢٩، قال ابن عطية: "والبال: مصدر كالحال والشأن، ولا يُسْتَعْمَلُ منها فِعْلٌ، وكذلك عُرْفُهُ ألا يُثَنَّى ولا يُجْمَعَ، وقد جاء مجموعًا، لكنه شاذ، فإنهم قالوا: بالات". المحرر الوجيز ٥/ ١١٠، وقال السجاوندي: "ولا يجمع البال لإبهامه، وقيل: بالات كحالات". عين المعانِي ورقة ١٢٢/ ب، وينظر: البحر المحيط ٨/ ٧٠.
(٥) قاله المبرد والنقاش، ينظر قول المبرد في إعراب القرآن للنحاس ٤/ ١٧٨، شفاء الصدور ورقة ٢٢/ ب، وينظر أيضًا: تفسير القرطبي ١٦/ ٢٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>