للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}، يعني: من أهل الحرب {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} نصب على الإغراء (١)، وقيل (٢): على المصدر، أي: فاضْرِبُوا الرِّقابَ ضَرْبًا، والرقاب: الأعناق، واحدتها رَقَبةٌ، والمعنى: اقْتُلُوهُمْ؛ لأن أكثر مواضع القتل ضَرْبُ العُنُقِ، فَإنْ ضَرَبَهُ على مَقْتَلٍ آخَرَ كان كما لو ضَرَبَ عُنُقَهُ؛ لأن المَقْصِدَ قَتْلُهُ (٣).

قوله: {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ}؛ أي: بالَغْتُمْ في قَتْلِهِمْ، وقَهَرْتُمُو هُمْ وغَلَبْتُمُوهُمْ بالسيف، والإثخان: المبالغة فِي الضرب، مشتق من قولهم: شَيْءٌ ثَخِينٌ أي: مُتَكاثِفٌ (٤)، وقوله: {فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} يعني: إذا أسَرْتُمُوهُمْ كَي لا يُفْلِتُوا، والوَثاقُ اسم من الإيثاقِ، أوْثَقَهُ إيثاقًا: إذا شَدَّ أسْرَهُ كَي لا يُفْلِتَ (٥).

قوله: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ} يعني: بعد الأسْرِ {وَإِمَّا فِدَاءً}، وهما مصدران منصوبان بإضمار فعلٍ، مجازه: فَإمّا أنْ تَمُنُّوا عليهم مَنًّا، فَتُطْلِقُوهُمْ من غير عِوَضٍ، وإما أنْ تُفادُوهُمْ فِداءً {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا (٤)} يعني: بِتَرْكِ الشِّرْكِ حتى لا يكون في العرب مشرك، وقال ابن عباس (٦): حتى يُسْلِمَ كُلُّ مَنْ عَلَى وَجْهِ الأرضِ، وقيل: حتى تقع الهُدْنةُ.


(١) قاله الفراء في معانِي القرآن ٣/ ٥٧.
(٢) قاله أكثر العلماء، ينظر: معاني القرآن للفراء ١/ ٣، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٦، إعراب القرآن ٤/ ١٧٩، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٠٥، الفريد للهمداني ٤/ ٣٠٦، التبيان للعكبري ص ١١٦٠، البحر المحيط ٨/ ٧٤.
(٣) قاله الواحدي في الوسيط ٤/ ١١٩.
(٤) قاله النحاس في إعراب القرآن ٤/ ١٧٩.
(٥) قاله الأزهري في التهذيب ٩/ ٢٦٦، وينظر أيضًا: الوسيط ٤/ ١١٩.
(٦) ينظر قوله في الوسيط ٤/ ١٢٠، وزاد المسير ٧/ ٣٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>