للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {فَأَوْلَى لَهُمْ} يعني المنافقين، وَعِيدٌ لهم وتهديدٌ، والعرب تتكلم به فِي الوعيد والتعجب، تقول للإنسان إذا كاد أن يَعْطَبَ: أوْلَى لَكَ، أي: قارَبَكَ العَطَبُ (١).

ثم استأنف فقال: {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ}؛ أي: حَسَنٌ، مجازه: ويقول هؤلاء المنافقون قبل نزول الآية المحكمة: {طَاعَةٌ}، وهو رفع على الحكاية، وقيل: هو ابتداء محذوف الخبر، تقديره: طاعةٌ وقولٌ معروفٌ أمْثَلُ أو أحْسَنُ، أو أمْرُنا طاعةٌ (٢)، والمعنى على هذا أن اللَّه قال: لو أطاعوا، وقالوا قولا معروفًا، كان أمْثَلَ وأحْسَنَ، ويجوز أن يكون متصلًا بما قبله على معنى: فَأوْلَى لَهُمْ طاعةٌ للَّهِ ولِرَسُولِهِ وقَوْلٌ مَعْرُوفٌ بالإجابة (٣)؛ أي: لو أطاعوه كانت الطاعة والإجابة


(١) قاله المبرد والنحاس والنقاش، ينظر: الكامل للمبرد ٤/ ٥١، معانِي القرآن للنحاس ٦/ ٤٧٩، ٤٨٠، شفاء الصدور ورقة ٢٦/ أ، وقوله: "إذا كاد أن يَعْطَبَ" فيه إدخال "أنْ" فى خبر "كادَ"، وهو قليل.
(٢) المؤلف هنا ذكر أن "طاعةٌ" مبتدأ محذوف الخبر، ثم فسر ذلك بقوله: "طاعةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ أمْثَلُ"، ولكن قوله: "أو أمْرُنا طاعةٌ" معناه أن "طاعةٌ" خبر ابتداء محذوف، وهذا هو الراجح، على عكس ما ذكره هو أوَّلًا من أنه مبتدأ محذوف الخبر، وهذان الوجهان صحيحان، وبهما قال سيبويه، حيث قال: "قال اللَّه تعالى جَدُّهُ: "طاعةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ"، فهو مثله، فإما أن يكون أضْمَرَ الاسمَ، وجَعَلَ هذا خَبَرَهُ، كأنه قال: أمْرِي طاعةٌ وقولٌ معروفٌ، أو يكونَ أضْمَرَ الخَبَرَ، فقال: طاعة وقول معروف أمْثَلُ". الكتاب ١/ ١٤١، ومثله فى الكتاب ٢/ ١٣٦، وينظر أيضًا: الكامل للمبرد ٢/ ٥٧، المقتضب ٤/ ١١، إعراب القرآن ٤/ ١٨٧، الخصائص ٢/ ٣٦٤.
(٣) يعني أن قوله تعالى: {أَوْلَى} مبتدأ، و {لَهُمْ} متعلق به، واللام بمعنى الباء، والخبر {طَاعَةٌ}، أي: أولى بهم طاعة دون غيرها. ينظر: الكشف والبيان ٩/ ٣٥، الفريد للهمداني ٤/ ٣١٢، ٣١٣، المحرر الوجيز ٥/ ١١٧، البحر المحيط ٨/ ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>