للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ} يعني كفار مكة، أي: ينتظرون {إِلَّا السَّاعَةَ} يعني القيامة {أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً} يعني: فجأة، نصب على الحال {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا (١٨)} أماراتُها وعَلَاماتُها، من انشقاقِ القمرِ، وخروجِ النبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، والأشْراطُ واحدها شَرَطٌ، وأصل الإشْراطِ الإعْلَامُ، يقال: أشْرَطَ نَفْسَهُ للأمر: إذا جَعَلَ نَفْسَهُ عَلَمًا فيه، وبهذا سُمِّيَ أصحاب الشُّرَطِ لِلُبْسِهِمْ لِباسًا يكون علامةً لَهُمْ، ومنه قيل: الشرْطُ فِي البيع وغيرِه؛ لأنه علامة من المتبايعين (١).

ويقال (٢): أشْرَطَ فُلَانٌ نَفْسَهُ في عمل كذا؛ أي: أعْلَمَها وجعلها له. قال أوس بن حَجَرٍ يصف رَجُلًا تَدَلَّى بِحَبْلٍ من رأس جَبَلٍ إلى نَبِقةٍ ليقطعها ويتخذ منها قَوْسًا:

٢٥٥ - فَأشْرَطَ فِيها نَفْسَهُ، وَهْوَ مُعْصِمٌ... وَألْقَى بِأسْبابٍ لَهُ وَتَوَكَّلا (٣)


(١) هذه المعانِي حكاها ابن السكيت عن الأصمعي في إصلاح المنطق ص ٢٢٩، وحكاها الأزهري عن الأصمعي وأبِي عبيد في التهذيب ١١/ ٣٠٩، وينظر: غريب القرآن للسجستانِي ص ١٤٣، شمس العلوم ٦/ ٣٤٤٣، تفسير القرطبي ١٦/ ٢٤٠، اللسان: شرط.
(٢) قاله ابن السكيت في إصلاح المنطق ص ٢٢٩، وينظر: الزاهر ١/ ٣٤٦، تهذيب اللغة ١١/ ٣٠٩.
(٣) البيت من الطويل، لأوس بن حَجَرٍ.
اللغة: أشْرَطَ نفسَهُ في الأمر: قَذمَها، وأشرط نفسه: جعلها عَلَمًا للموت، والمعنى هنا: هَيَّأ لهذه النبعة، مُعْصِمٌ: معتصمٌ ومستمسك بالحبل الذي دَلّاهُ.
التخريج: ديوانه ص ٨٧، العين ٦/ ٢٣٦، غريب الحديث للهروي ١/ ٤١، الحيوان ٥/ ٢٣، ٦/ ٤٢، جمهرة اللغة ص ٧٢٦، الزاهر ١/ ٣٤٦، مقاييس اللغة ٣/ ٢٦٠، الكشف والبيان ٩/ ٣٣، المحرر الوجيز ٥/ ١١٦، أساس البلاغة: شرط، شمس العلوم ٦/ ٣٤٤٣، عين المعانِي ورقة ١٢٣/ أ، منتهى الطلب ٢/ ٢٤٤، تفسير القرطبي ٤/ ١٥٧، ١٦/ ٢٤٠، اللسان: شرط، عصم، البحر المحيط ٨/ ٧١، الدر المصون ٦/ ١٥٢، اللباب في علوم الكتاب ١٧/ ٤٤٨، التاج: شرط، عصم.

<<  <  ج: ص:  >  >>