للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عبيدة (١): "إنْ" هاهنا بمعنى "إذْ"، مَجازُهُ: إذْ شاء اللَّه، حيث أرَى رَسُولَهُ ذلك، وقيل (٢): الاستثناء من المخلوقين؛ لأنهم لا يعرفون عواقب الأمور، وقيل (٣): خُوطِبَ الناسُ بما يعرفون؛ لأن الاستثناء لا يكون في البِشارةِ، فيكون فيها فائدة.

ونصب {آمِنِينَ} و {مُحَلِّقِينَ} على الحال، وزعم الفراء أنه يجوز {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} (٤)، يعني: بَعْضُكُمْ كَذا وبَعْضُكُمْ كَذا، وأنشد:

وَغُودِرَ البَقْلُ مَلْوِيٌّ وَمَحْصُودُ (٥)

قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى} من الضلالة {وَدِينِ الْحَقِّ} يعني دين الإسلام؛ لأن كُلَّ دِينٍ باطِلٌ غَيْرَ الإسلام {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} يعني: على مِلّةِ اهل الأديان كلها {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (٢٨)} بأنك نَبِيٌّ صادقٌ فيما تخبر به، ونصب {شَهِيدًا} على التفسير، وقيل: على الحال والقطع، وقد تقدم نظيره في مواضع من القرآن.


(١) لَمْ أقف على هذا القول في مجاز القرآن، وإنما حكاه النحاس عنه في إعراب القرآن ٤/ ٢٠٤، وينظر: شفاء الصدور ورقة ٣٧/ أ، الكشف والبيان ٩/ ٦٤، الوسيط ٤/ ١٤٥، زاد المسير ٧/ ٤٤٣، عين المعانِي ورقة ١٢٤/ ب، تفسير القرطبي ١٦/ ٢٩٠.
(٢) قاله النحاس في إعراب القرآن ٤/ ٢٠٤، وحكاه الواحدي عن ثعلب في الوسيط ٤/ ١٤٥.
(٣) قاله النحاس والنقاش، ينظر: إعراب القرآن ٤/ ٢٠٤، شفاء الصدور ورقة ٣٦/ ب، وينظر أيضًا: الكشاف ٣/ ٥٤٩، زاد المسير ٧/ ٤٤٣، الفريد ٤/ ٣٣٠، البحر المحيط ٨/ ١٠٠.
(٤) معانِي القرآن للفراء ٣/ ٦٨، وقد قرأ اليمانِيُّ: {مُحَلِّقُونَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرُونَ}، ينظر: شواذ القراءة للكرمانِيِّ ورقة ٢٦٦.
(٥) تقدم برقم ٢٢٠٠/ ٣٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>