للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ}، تَمَّ الكلامُ هاهنا، ثم قال مبتدئًا: {وَالَّذِينَ مَعَهُ} يعني: من المؤمنين، الواو فيه استئناف، و {وَالَّذِينَ مَعَهُ} في محل الرفع بالابتداء {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} يعني: غِلَظًا كقوله تعالى: {أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} (١) {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} أىِ: مُتَوادُّونَ متواضعون، بعضهم لبعض كالوَلَدِ لِوالِدِهِ، والعَبْدِ لِسَيِّدِهِ، كقوله تعالى: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} (٢)، {تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا} إخبار عن كثرة صلاتهم ومُداوَمَتِهِمْ عليها، وأصل الرُّكُوعِ: الانْحِناءُ، يقال: رَكَعَ الشَّيْخُ: إذا انْحَنَى من الكِبَرِ، قال لبيد:

٢٦١ - أدِبُّ كَأنِّي كُلَّما قُمْتُ راكِعُ (٣)

والسجود: الانحناء أيضًا، وهما منصوبان على الحال.

وقوله: {يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ} يعني رزقًا، وهو الجنة {وَرِضْوَانًا} يعني رِضاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {سِيمَاهُمْ}؛ أي: علامتهم {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} قرأ الأعرج: {مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} ساكنة الثاء (٤)، وقرأ الباقون بالفتح،


(١) المائدة ٥٤.
(٢) المائدة ٥٤.
(٣) هذا عَجُزُ بيتٍ من الطويل لِلَبِيدٍ، وصدره:
أُخَبِّرُ أخْبارَ القُرُونِ التِي مَضَتْ
اللفة: أدِبُّ: أمْشِي الدَّبيبَ، وهو مشيُ الشيخ الهَرِمِ، راكع: مُنْحَنٍ بسبب كِبَرِ السِّنِّ.
التخريج: ديوانه ص ٨٩، العين ١/ ٢٠٠، مجاز القرآن ١/ ٥٤، عيون الأخبار ٢/ ٣٢٣، الزاهر لابن الأنباري ١/ ٤٦، الأضداد لابن الأنباري ص ٢٩٧، مقاييس اللغة ٢/ ٤٣٥، مجمل اللغة ص ٣٩٧، المخصص ١٣/ ٨٧، ديوان الأدب ٢/ ٢١٠، بهجة المجالس ٢/ ٢٣٨، اللسان: ركع، التاج: ركع.
(٤) ومكسورة الهمزة أيضًا، وقرأ قتادة والحسن واليمانِيُّ وعيسى الحجازي: "مِنْ آثارِ السُّجُودِ"، =

<<  <  ج: ص:  >  >>