للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فغضب لعبد اللَّه بن أُبَيٍّ رَجُلٌ من قومه، وغضب لكل واحد منهما أصحابُهُ، حتى اسْتَبُّوا، وكان بينهم ضَرْبٌ بالجَرِيدِ والأيْدِي والنِّعالِ، فأنزل اللَّه تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}، فلما قرأها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عليهم اصطلحوا وكَفَّ بَعْضُهُمْ عن بعض (١)، وارتفع "طائِفَتانِ" على إضمار فعل تقديره: وَإنِ اقْتَتَلَ طائِفَتانِ، أو: وَإنْ كانَ طائِفَتانِ (٢).

قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} يعني: بَيْنَ كل مُسْلِمَيْنِ تَخاصَما وتَقاتَلا، وهذه قراءة العامة، ومعنى الاثنين تَأتَّى على الجميع؛ لأن تأويله: بَيْنَ كُلِّ أخَوَيْنِ، وقرأ ابن سِيرِينَ (٣) ويعقوبُ: {بَيْنَ إِخَوَتِكُمْ} بالجمع، وقرأ الحسن: {بَيْنَ إخْوانِكُمْ} بالألف والنون (٤) {وَاتَّقُوا اللَّهَ} فلا تَعْصُوهُ ولا تخالفوا أمْرَهُ {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٠)}.


(١) رواه البخاري عن أنس في صحيحه ٣/ ١٦٦ كتاب الصلح: باب ما جاء في الإصلاح بين الناس، ومسلمٌ في صحيحه ٥/ ١٨٣ كتاب الجهاد والسير: باب في دعاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى اللَّه وصبره على أذى المنافقين.
(٢) قاله النحاس في إعراب القرآن ٤/ ٢١٢، وينظر: تأويل مشكل القرآن ٢/ ٣١٦.
(٣) هو محمد بن سيرين البصري، أبو بكر الأنصاري بالولاء، تابعي اسْتَكْتَبَهُ أنَسُ بن مالك بفارس، كان إمام البصرة في علوم الدين، توفي سنة (١١٠ هـ)، ينسب له كتاب "تعبير الرؤيا"، وهو غير كتاب تفسير الأحلام المنسوب له أيضًا، وليس له. [تهذيب الكمال ٢٥/ ٣٥٥ - ٣٤٤، سير أعلام النبلاء ٤/ ٦٠٦ - ٦٢٢، الأعلام ٦/ ٥٤].
(٤) قرأ ابنُ سيرين ويعقوبُ، وابنُ عامر في روايةٍ عنه، وزيدُ بنُ عَلِيٍّ والحسنُ وأبو عمرو ونصرُ ابنُ عاصمٍ وعاصمٌ الجحدريُّ وأبو العالية: "بَيْنَ إخْوَتكُمْ"، وقرأ الحسنُ وابنُ سيرين وأبو عمرو وعاصمٌ الجحدريُّ في رواية أخرى عنهم، وزيدُ بن ثابت وابنُ مسعود وثابتٌ البنانِيُّ وحمادُ بنُ سلمة: {بَيْنَ إخْوانِكُمْ} بالنون، ينظر: السبعة ص ٦٠٦، مختصر ابن خالويه ص ١٤٤، تفسير القرطبي ١٦/ ٣٢٣، البحر المحيط ٨/ ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>