للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورُوِيَ عن عيسى عليه السّلام أنه قال لأصحابه: "أرأيتم لو أن أحَدَكُمْ رَأى أخاه المسلمَ قد كَشَفَ الرِّيحُ ثِيابَهُ؟ قالوا: سبحان اللَّه! إذَنْ كُنّا نَرُدُّها عليه، قال: بل كنتم تكشفون ما بَقِيَ، تسمعون للرجل سَيِّئةً، فتذكرون أكثرَ من ذلك" (١)، فَضَرَبَ لهم مَثَلًا.

ورُوِيَ عن خالد الرَّبَعِيِّ (٢) قال: كنتُ في المسجد الجامع وفيه جماعة، فَتَناوَلُوا رَجُلًا، فنَهَيْتُهُمْ عن ذلك، فَكَفُّوا عنه، وأخذوا عن غيره، ثم عادوا إليه، فدخلتُ معهم في شيء من أمره، فرأيتُ في تلك الليلةَ في المنام كأنه أتانِي رَجُلٌ أسْوَدُ طويلٌ جدا، ومعه طَبَقٌ عليه قطعة من لحم خِنْزِيرٍ، فقال لِي: كُلْ، فقلتُ: آكُلُ لَحْمَ الخنزير؟! واللَّه لا أكَلْتُهُ، فانْتَهَرَنِي انتهارًا شديدًا، وقال: قد أكَلْتَ ما هو شَرٌّ منه، فَجَعَلَ يَدُسُّهُ فِي فِيَّ حتى استيقظتُ من منامي، فواللَّه لقد مَكَثْتُ ثلاثين يوما أو أربعين يوما ما أكلتُ طعاما إلّا وَجَدْتُ طَعْمَ ذلك اللحم ونَتَنَهُ فِي فَمِي.

ويقال: ثلاثة لا تكون غيبتهم غيبةً: سلطان جائر، وفاسقٌ مُعْلِنٌ بِفِسْقِهِ، وصاحبُ بِدْعةٍ، يعني: إذا ذَكَرَ فِعْلَهُمْ، فلو ذَكَرَ شَيْئًا من أديانهم يَعِيبُ منهم ذلك، لكان ذلك غِيبةً عنهم، ولكن إذا ذَكَرَ فِعْلَهُمْ ومَذْهَبَهُمْ فلا بأس؛ لكي يَحْذَرَهُم


(١) رواه الثعلبي عن خالد الرَّبَعِيِّ في الكشف والبيان ٩/ ٨٦، وينظر: تاريخ دمشق ٤٧/ ٤٣٥ - ٤٣٦، الدر المنثور ٢/ ٢٨.
(٢) هو خالد بن باب الرَّبَعِيِّ الأحْدَبُ، ابن أخي صفوان بن مُحْرِزٍ، تابعي بصري، روى عن أنس بن مالك وأبِي هريرة وشَهْرِ بن حَوْشَبٍ، قال أبو زرعة: متروك الحديث، وقال ابن معين: ضعيف، ووَثَّقَهُ ابنُ حِبَّانَ. [الثقات لابن حبان ٤/ ٢٠٠، الجرح والتعديل للرازي ٣/ ٣٢٢، لسان الميزان ٢/ ٣٧٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>