للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو مما يسقط من ذلك الجبل، وهو وراءَ الحجاب الذي تغيب الشمس من ورائه بمسيرة سنة، قيل لابن عباس: ما بالُ الأرضِ لا تَخْضَرُّ بِخُضْرَتهِ؟ قال: لأن السماء مَوْجٌ مَكْفُوفٌ، والبحر هو ماء، فلو كانت الأرضُ ماءً لاخْضَرَّتْ، وعُرُوقُ الجبال كلها منه، فإذا أراد اللَّه الزَّلْزَلةَ بأرضٍ أوْحَى اللَّهُ إلى المَلَكِ الذي عنده أن يُحَرِّكَ عِرْقًا من الجبل، فيتحرك الجبلُ الذي يريده، وهو أول جَبَلٍ خُلِقَ، ثم بعده أبو قُبَيْسٍ (١)، وهو الجبل الذي الصَّفا تَحْتَهُ، ولِجَبَلِ قافٍ وَجْهٌ كَوَجْهِ الإنسانِ، وقَلْبٌ كقلوب الملائكة في المعرفة (٢)، واللَّه أعلم.

وحَكَى الفَرّاءُ والزَّجّاجُ أن قوما قالوا: معنى {ق}: قُضِيَ الأمْرُ، أو قُضِيَ ما هو كائن، كما قيل في "حم": حُمَّ الأمرُ؛ أي: قُضِيَ ما هو كائن (٣).

قوله: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١) أي: الشريفِ الكريمِ على اللَّه، الكثيرِ الخيرِ، واختلفوا فِي جواب هذا القَسَمِ، فقال أهل الكوفة (٤): جوابه {بَلْ


(١) أبو قُبَيْسٍ: اسم الجبل المُشْرِفِ على مكة، وَجْهُهُ إلى قُعَيْقِعانَ، ومكةُ بينهما، أبو قُبَيْسٍ من شَرقِيِّها، وقُعَيْقِعانُ من غَرْبِيِّها. معجم البلدان ١/ ٨٠.
(٢) ينظر في هذه الأقوال: جامع البيان ٢٦/ ١٨٩، ١٩٠، شفاء الصدور ورقة ٤٥/ ب، ٤٦/ أ، الكشف والبيان ٩/ ٩٢، ٩٣، الوسيط ٤/ ١٦٢، زاد المسير ٨/ ٤، عين المعاني ورقة ١٢٥/ب، تفسير القرطبي ١٧/ ٢.
(٣) معانِي القرآن للفراء ٣/ ٧٥، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٤١، وقال الزجاج أيضًا: "واحتج الذين قالوا من أهل اللغة: إن معنى "ق" بمعنى قُضِيَ الأمْرُ بقول الشاعر:
قُلْنا لَها: قِفِي، قالَتْ: قافْ
لَا تَحْسَبِي أنّا نَسِينا الإيجافْ
معناه: فقالت: أقِفُ". معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٤١، وذكره أيضًا في ١/ ٦٢ - ٦٣.
(٤) ذكره النقاش في شفاء الصدور ورقة ٤٥/ ب، وينظر: الكشف والبيان ٩/ ٩٣، المحرر الوجيز ٥/ ١٥٥، تفسير القرطبي ١٧/ ٣، البحر المحيط ٨/ ١٢٠، الدر المصون ٦/ ١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>