للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجميع، كالرسول في الاثنين جُعِلَ للاثنين والجميع، قال اللَّه تعالى في الاثنين: "إنّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِين" (١)، وقال الشاعر:

ألِكْنِي إلَيْها، وَخَيْرُ الرَّسُو... لِ أعْلَمُهُمْ بِنَواحِي الخَبَرْ (٢)

ومعنى الآية: أن اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- وَكَّلَ بالإنسان -مع عِلْمِهِ بأحواله- مَلَكَيْنِ بالليل وملكين بالنهار، يحفظان عَمَلَهُ، ويكتبان أثَرَهُ، إلزامًا لِلْحُجّةِ، أحدهما عن يمينه يكتب الحسنات، والآخر عن شِمالِهِ يكتب السيئات، فذلك قوله تعالى: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ}، والمراد بالقَعِيدِ هاهنا المُلَازِمُ الذي لا يَبْرَحُ، لا القاعدُ الذي هو ضِدُّ القائمِ (٣).


= تجعل الرسول للقوم والاثنين". معانِي القرآن ٣/ ٧٧، وأجاز الفراء أن يكون "قَعِيدٌ" لأحدهما بدون تعيين، فقال: "وإن شئت جعلت القعيد واحدًا اكْتُفِيَ به من صاحبه". معانِي القرآن ٣/ ٧٧.
وذهب الأخفش والفارسي مذهب الكوفيين، ينظر: معانِي القرآن للأخفش ص ٢٣٨ - ٢٣٩، ٤٨٣، المسائل المشكلة ص ٤٢٣، وينظر قول الكوفيين في إعراب القرآن للنحاس ٤/ ٢٢٤، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٢٠، الفريد للهمداني ٤/ ٣٥٠ - ٣٥١، البحر المحيط ٨/ ١٢٣.
ولكنني وجدتُ نَصًّا لسيبويه في هذه الآية يجعل فيه لفظ "قَعِيدٌ" يؤدي عن الاثنين والجمع، كما يؤدي عن الواحد، قال سيبويه: "ونظير "أحَقًّا أنّكَ ذاهِبٌ" من أشعار العرب قول العبدي:
أحَقًّا أنَّ جِيرَتَنا اسْتَقَلُّوا... فَنِيَّتُنا وَنيَّتُهُمْ فَرِيقُ
قال: فريق كما تقول للجماعة: هم صديق، وقال اللَّه تعالى جده: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} الكتاب ٣/ ١٣٦.
(١) الشعراء ١٦.
(٢) تقدم برقم ٦٧، ١/ ٤١٢.
(٣) قاله الواحدي فِي الوسيط ٤/ ١٦٥، وينظر: تفسير القرطبي ١٧/ ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>