للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتَفَرِّقٌ فِي البَدَنِ، مُخالِطٌ للإنسان في جميع أعضائه، والحَبْلُ هو الوَرِيدُ فأُضِيفَ إلى نفسه لاختلاف اللفظين (١)، وسُمِّيَ الوَرِيدُ وَرِيدًا؛ لأن الرُّوحَ تَرِدُهُ.

قوله تعالى: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ} قال الحسن (٢): هما مَلَكانِ مُوَكَّلَانِ بابن آدم، مَلَكٌ عن يمينه يكتب حسناتِهِ، ومَلَكٌ عن يَسارِهِ يكتب سيئاته، ثم قال:

{عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (١٧) أي: جَلِيسٌ وقَرِينٌ لا يفارقه، قال أهل البصرة (٣): أراد: عن اليمين قعيدٌ وعن الشمال قعيدٌ، فاكتفى بأحدهما عن الَاخَر، كقول الشاعر:

نَحْنُ بِما عِنْدَنا وَأنْتَ بِما عِنْـ... دَكَ راضٍ، والرَّأْيُ مُخْتَلِفُ (٤)

ولَمْ يقل: راضِيانِ.

وقال أهل الكوفة (٥): أراد: قُعُودٌ، رَدَّهُ إلى الجنس، فوضع الواحد موضع


(١) المؤلف اختار رأي الكوفيين في جواز إضافة الشيء إلى نفسه لاختلاف اللفظين، على الرغم من أنه قبل قليل اختار رأي البصريين في عدم جوازه، وأوَّلَ ذلك على أنه مضاف لِمَحْذُوفٍ، وراجِعْ ما قاله في قوله تعالى: {وَحَبَّ الْحَصِيدِ} في الصفحة السابقة.
(٢) ينظر قوله في تفسير القرطبي ١٧/ ٩.
(٣) مذهب سيبويه وغيره من البصريين أن الخبر فِي مثل هذا محذوف من الأول، لدلالة الثانِي عليه، وأن الخبر إنما جُعِلَ للثانِي لأنَّهُ أقْرَبُ إليه، وهو مذهب الكسائي أيضًا، كما ذكر النحاس، وهو مذهب المبرد أيضًا، وإن كان المبرد يُجِيزُ أن يكون الخبر للأول، وحُذِفَ من الثانِي لدلالة الأول عليه، ينظر: الكتاب ١/ ٧٣، ٧٧، مجاز القرآن ١/ ٣٩، ٢٥٧ - ٢٥٨، المقتضب ٣/ ١١٢ - ١١٣، ٤/ ٧٢ - ٧٤، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٤٤، إعراب القرآن ٤/ ٢٢٤، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٢٠.
(٤) تقدم برقم ١٥٧، ٢/ ١٧٩.
(٥) قال الفراء: "يقال: قَعِيدٌ، ولَمْ يقل: قَعِيدانِ. . . يريد به: قُعُودٌ، فجعل القَعِيدَ جَمْعًا كما =

<<  <  ج: ص:  >  >>