للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استهزاءً منهم بذلك وتكذيبًا، وهو مبني على الفتح، ومحله رفع بالابتداء، و {يَوْمِ الدِّينِ} خبره، وقرأ أبو عبد الرحمن السُّلَمِيُّ: "إيّانَ" بكسر الهمزة، وهي لغةٌ (١).

ثم أخبر اللَّه تعالى عن ذلك اليوم، فقال: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (١٣) أي: يكون هذا الجَزاءُ يوم هم على النار يُحْرَقُونَ ويُعَذَّبُونَ ويُنْضَجُونَ بالنار، يقال: فُتِنَ الذَّهَبُ: إذا أُدْخِلَ النّارَ، ويقال: دِينارٌ مَفْتُونٌ: إذا أُدْخِلَ النّارَ (٢).

واختلف النحويون في نصب "يَوْمَ"، فقال الزجاج (٣): موضعه نصب؛ أي: يَقَعُ الجَزاءُ يَوْمَ هُمْ على النار يُفْتَنُونَ، وقال غيره (٤): هو فِي موضع رفع على البدل من قوله: {أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ}.

وتكلموا في نصبه، فقال الفراء (٥): لأنَّهُ أُضِيفَ إلى شيئين، وأجاز


(١) وهي قراءة الأعمش والمُطَّوِّعِيِّ أيضًا، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٤٦، المحتسب ٢/ ٢٨ الإتحاف ٢/ ٤٩١، وكسر همزة "أيّانَ" لغة سُلَيْمٍ كما ذكر الفراء في معاني القرآن ٢/ ٩٩، وينظر: إعراب القرآن ٤/ ٢٣٧، تهذيب اللغة ١٥/ ٥٥٠، الصحاح ٥/ ٢٠٧٦.
(٢) حكاه النحاس عن المبرد في إعراب القرآن ٤/ ٢٣٨، وحكاه النقاش عن عمرو بن فائد الأسواري في شفاء الصدور ٥٦/ أ، وينظر أيضًا: "التهذيب" ١٤/ ٢٩٧، الصحاح ٦/ ٢١٧٥.
(٣) معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٥٢، وأجاز الزجاج وجهًا آخر فقال: "ويجوز أن يكون لَفْظُهُ لَفْظَ نَصْبٍ، ومعناه معنى رفع؛ لأنَّهُ مضاف إلى جُمْلةِ كَلَامٍ، تقول: يُعْجِبُنِي يَوْمَ أنْتَ قائِمٌ، ويَوْمُ أنْتَ قائِمٌ، ويَوْمُ أنْتَ تَقُومُ، وإن شئتَ فَتْحَتَ وهو في موضع رفع. . .، وكما قرئت: {وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ}، ففتحت "يَوْمَ" وهو في موضع خفض؛ لأنك أضَفْتَهُ إلى غير متمكن". معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٥، ٥٣.
(٤) هذا القول حكاه النحاس بغير عزو فِي إعراب القرآن ٤/ ٢٣٧، وبه قال الباقولِيُّ فِي كشف المشكلات ٢/ ٣٢٨، وينظر أيضًا: الفريد للمنتجب الهمدانِي ٤/ ٣٦١ - ٣٦٢.
(٥) معانِي القرآن ٣/ ٨٣، ويعني بالشيئين المبتدأ والخبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>