للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا كُلُّهُ قَسَمٌ من [أوَّلِ] السورة إلى هاهنا، أقْسَمَ اللَّهُ - تعالى بهذه الأشياء للتنبيه على ما فيها من عَظِيمِ القُدْرةِ على أن تعذيب المشركين حَقٌّ، وهو قوله تعالى: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (٧)} وهذا جَوابُ القَسَمِ؛ أي: لَكائِنٌ بالكافرين في الآخرة {مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (٨)} يَدْفَعُ عنهم ذلك العذابَ.

ثم بيَّنَ مَتَى يقع بقوله تعالى: {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (٩) أي: تَدُورُ دَوَرانًا، وتَضْطَرِبُ وتتَحَرَّكُ وتَسْتَدِيرُ، يقال: مارَ الشَّيْءُ يَمُورُ: إذا دارَ ولَمْ يَثْبُتْ، قال الأعشى:

٢٨٨ - كَأنّ مِشْيَتَها مِنْ بَيْتِ جارَتِها... مَوْرُ السَّحابةِ، لَا رَيْثٌ وَلَا عَجَلُ (١)

وقيل (٢): معناه: يَضْطَرِبُ نَظْمُها ويَخْتَلِفُ سَيْرُها، قال الشاعر:

٢٩٠ - بَعِيدةُ وَخْدِ الرِّجْلِ مَوّارةُ اليَدِ (٣)


(١) البيت من البسيط، للأعشى، ورواية ديوانه: "مَرُّ السَّحابةِ"، والرَّيْثُ: الإبْطاءُ.
التخريج: ديوانه ص ١٠٥، مجاز القرآن ٢/ ٢٣١، إعراب القرآن ٤/ ٢٥٤، تصحيح الفصيح ص ١٥٥، المحرر الوجيز ٥/ ١٨٧، زاد المسير ٨/ ٤٨، تفسير القرطبي ١٣/ ٩٤، ١٧/ ٣١، ٦٣، اللسان: مور، البحر المحيط ٨/ ١٤٣، الدر المصون ٦/ ١٩٦، اللباب في علوم الكتاب ١٨/ ١١٨، التاج: مور.
(٢) حكاه السجاوندي عن ابن بَحْرٍ في عين المعانِي ورقة ١٢٧/ أ، وينظر: القرطبي ١٧/ ٦٣.
(٣) هذا عجز بيت من الطويل، لطرفة بن العبد يصف ناقته، وصدره:
صُهابِيّةُ العُثْنُونِ مُؤْجَدةُ القَرا
اللغة: العُثْنُونُ: شَعَراتٌ تحت لِحْي الناقةِ الأسفلِ، وصُهْبَتُها: حُمْرَتُها، القَرا: الظهر، ومُؤْجَدةُ القَرا: مُقَوّاةُ الظَّهْرِ مُوَثَّقةُ الخَلْقِ، الوَخْدُ: نوع من سير الإبل وهو سعة خطوها، المَوّارةُ: مبالغة المائرة وهي التي تذهب وتجيء.
التخريج: ديوانه ص ٣٩، تهذيب اللغة ٦/ ١١٢، مقاييس اللغة ١/ ٦٢، عين المعانِي ورقة ١٢٧/ أ، اللسان: صهب، التاج: صهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>