للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصل المَوْرِ في اللغة: الاختلاف والاضطراب والذَّهابُ والمَجْيءُ والتَّرَدُّدُ والدَّوَرانُ، و"يَوْمَ" ظرف لوقوع العذاب.

قوله تعالى: {وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (١٠)} فتزول عن أماكنها حتى تَسْتَوِيَ بالأرض، وتَبْقَى الأرْضُ كالأدِيمِ المَمْدُودِ {فَوَيْلٌ}؛ أي: فَشِدّةُ عَذابٍ {يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١١)} بذلك اليومِ والعذابِ الذي يكون فيه، وأدخل الفاء لأن في الكلام معنى المجازاة، تقديره: إذا كان هذا فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ للمكذبين (١).

ثم نعتهم فقال تعالى: {الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (١٢)} يعني: في باطِلٍ لَاهُونَ، يَخُوضُونَ في حديث محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- بالتكذيب والاستهزاء، ويَلْهُونَ بِذِكْرِهِ، و"الَّذِينَ" في موضع خفض على النعت لـ "المُكَذِّبِينَ"، ويجوز أن يكون رفعًا على خبر ابتداء محذوف، تقديره: هُمُ الَّذِينَ، ويجوز أن يكون نصبًا على الذَّمِّ تقديره: أعْنِي الذين، والخَوْضُ: دُخُولٌ مُتَهافِتٌ (٢).

{يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} (٣) دَفْعًا، والدَّعُّ: الدَّفْعُ فِي القَفا، وهو نصب على المصدر، يقال: دَعَعْتُهُ أدُعُّهُ دَعًّا، أي: دَفعْتُهُ دَفْعًا (٤)، وذلك أنهم يُدْفَعُونَ على وجوههم حتى إذا دَنَوْا منها قال لهم خزنتها: {هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (١٤)} في الدنيا.


(١) قاله الأخفش والنحاس، ينظر: معانِي القرآن للأخفش ص ٤٨٥، إعراب القرآن ٤/ ٢٥٤، وينظر: عين المعانِي ورقة ١٢٧/ أ.
(٢) قال السجاوندي: "والخَوْضُ: دُخُولُ مُتَهافِتٍ، لا يَمْلِكُ ضَبْطَ نَفْسِهِ، ولا يَتَمالَكُ". عين المعانِي ورقة ١٢٧/ أ.
(٣) هذه الآية ليست موجودة في الأصل فَزِدْتُها لِتَعَلُّقِ الشرح بها.
(٤) قاله ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ص ٤٢٥، وينظر: التهذيب ١/ ٩٢، اللسان: دعع.

<<  <  ج: ص:  >  >>