للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم تُوَبِّخُهُم الخَزَنةُ حين عاينوا ما كانوا يُكَذِّبُونَ به، وهو قوله: {أَفَسِحْرٌ هَذَا} لفظه لفظ استفهام، ومعناه التوبيخ والتقرير، أي: أتُصَدِّقُونَ الآنَ بما تَرَوْنَ أن عذب اللَّه واقع (١)؟ {أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (١٥)} وليس قوله: {أَمْ أَنْتُمْ} جوابًا لِما قبله من الاستفهام، وإنما معناه: بَلْ أنتم لا تبصرون؛ أي: لا تفهمون، وذلك أنهم كانوا يَنْسُبُونَ محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى السِّحْرِ، وإلى أنه يُغَطِّي على الأبصار بالسِّحْرِ.

فَلَمّا شاهَدُوا ما وُعِدُوا به من العذاب وُبِّخُوا بهذا وقيل لهم: {اصْلَوْهَا} أي: قاسُوا شِدَّتَها {فَاصْبِرُوا} على العذاب {أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ} الصَّبْرُ والجَزَعُ {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٦) أي: جَزاءَ ما كنتم تعملون من الكفر والتكذيب.

ثم ذكر ما للمؤمنين، فقال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (١٧) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ} يعني: مُعْجَبينَ ناعِمِينَ فَرِحِينَ بما أعْطاهُمْ رَبُّهُمْ في الجنة من الخير والكرامة والنعيم {وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (١٨)} يعني: صَرَفَ عنهم عَذابَ الجَحِيمِ، ونصب {فَاكِهِينَ} على الحال، ويجوز الرفع في غير القرآن على أنه خبر "إنّ" (٢).

قوله: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٩)} الهَنِيءُ: الذي لا مَشَقّةَ


(١) قاله الزجاج في معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٦٢.
(٢) قاله النحاس في إعراب القرآن ٥/ ٢٥٥، وقد قرأ ابن أبِي عبلة: {فَاكِهُونَ} بالرفع، ينظر: شواذ القراءة ورقة ٢٣٠، وقال أبو حيان: "وقرأ خالدٌ بالرفع على أنه خبر "إنّ". البحر المحيط ٨/ ١٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>