للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (٢١)} مَحْبُوسٌ بِعَمَلِهِ في النار، وهو مبتدأ وخبر أي: كُلُّ إنْسانٍ مُتَرْهَنٌ بما عَمِلَ، لا يُؤاخَذُ أحَدٌ بذنب أحَدٍ.

وقوله تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ} يريد: بالخِدْمةِ {غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ} فِي الحُسْنِ والبَياضِ {لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (٢٤)} مَسْتُورٌ مَصُونٌ، لا تَمَسُّهُ الأيدي، قال قتادة: ذُكِرَ لنا أن رَجُلًا قال: يا نَبِيَّ اللَّه! هذا الخادمُ، فكيف المخدوم؟ فقال: "والذي نفسي بِيَدِهِ، إن فَضْلَ المَخْدُومِ على الخادم كفَضْلِ القمر لَيْلةَ البَدْرِ على سائر الكواكب" (١)، والمؤمن لا يكون مُرْتَهَنًا لقوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ} (٢)، فاسْتَثْنَى المؤمنين.

ثم ذَكَرَ ما أمَدَّهُمْ به من الخير والنعمة، فقال تعالى: {وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢٢) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا} يعني: في الجنة؛ أي: يَتَعاطَوْنَ ويتناولون فيها {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (٢٣) أي: لا تَذْهَبُ بِعُقُولِهِمْ فَيَلْغُوا ويَرْفُثُوا، كما يكون من خمر الدنيا (٣)، ولا يكون بينهم ما يُؤْثمُهُمْ، والتَّأْثِيمُ: تَفْعِيلٌ من الإثْمِ، يقال: أثَّمَهُ: إذا جَعَلَهُ ذا إثْمٍ، والمعنى أن تلك الكأس لا تَجْعَلُهُمْ آثِمِينَ (٤).


= كتاب السُّنّةِ ص ٩٤، وينظر: الكشف والبيان ٩/ ١٢٨، الوسيط ٤/ ١٨٧، مجمع الزوائد ٧/ ٢١٧ كتاب القدر: باب ما جاء في الأطفال.
(١) رواه الطبري في جامع البيان ٢٧/ ٤٠، وينظر: الكشف والبيان ٩/ ١٢٩، الوسيط ٤/ ١٨٨، زاد المسير ٨/ ٥٢، الدر المنثور ٦/ ١١٩.
(٢) المدثر ٣٨ - ٣٩.
(٣) قاله ابن قتيبة في غريب القرآن ص ٤٢٥، وينظر: الوسيط ٤/ ١٨٨، زاد المسير ٨/ ٥٢.
(٤) قاله الجوهري في الصحاح ٥/ ١٨٥٦ - ١٨٥٧، وينظر: الوسيط ٤/ ١٨٨، زاد المسير ٨/ ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>