للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (٢٥)} قال ابن عباس: يَتَذاكَرُونَ ما كانوا فيه في الدنيا من التعب والخوف، وذلك قوله: {قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ} يعني: في الدنيا {فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (٢٦)} خائِفِينَ وَجِلِينَ من عذاب اللَّه تعالى {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (٢٧)} وهي جهنم، والسَّمُومُ: الرِّيحُ الحارّةُ في جهنم، وفيها أنواع العذاب (١)، وقيل (٢): السَّمُومُ هاهنا: الرِّيحُ البارِدةُ، وقال الحَسَنُ (٣): السَّمُومُ: اسم من أسماء جهنم.

قوله: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ} في الدنيا {نَدْعُوهُ}؛ أي: نَدْعُو الرَّبَّ تعالى، ونُوَحِّدُهُ ونَعْبُدُهُ ونَرْغَبُ إليه {إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ} لإجابة الذين يدعونه ويرغبون إليه {الرَّحِيمُ (٢٨)} بهم، قرأ الحسن وشيبة وأبو جعفر ونافع والكسائي: "أنّهُ" بفتح الألف (٤)؛ أي: لأنّهُ، أو: بِأنّهُ (٥)، وقرأ غيرهم بالكسر على الاستئناف وقطع الكلام مما قبله، ونظير هذا: "لَبَّيْكَ إنّ الحَمْدَ والنِّعْمةَ


(١) ذكره النقاش بغير عزو في شفاء الصدور ورقة ٦٥/ ب، وينظر: المفردات للراغب ص ٢٤١.
(٢) ذكره القرطبي بغير عزو في تفسيره ١٧/ ٧٠.
(٣) ينظر قوله في شفاء الصدور ورقة ٦٥/ ب، الكشف والبيان ٩/ ١٣٠، الوسيط ٤/ ١٨٨، المحرر الوجيز ٥/ ١٩٠، وغيرها.
(٤) لَمْ أقف على أنها قراءة لِشَيْبةَ، ورَوَى ابنُ جَمّازٍ عن نافع: "إنّهُ" بكسر الهمزة كالباقين. ينظر: السبعة ص ٦١٣، تفسير القرطبي ١٧/ ٧٠، البحر المحيط ٨/ ١٤٧، الإتحاف ٢/ ٤٩٧.
(٥) يعني أن موضع "أنّهُ" بالفتح النصب على نزع الخافض، قاله الفراء والنحاس، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ٩٣، إعراب القرآن للنحاس ٤/ ٢٥٨، قال ابن الأنباري: "فمن قرأ بالكسر وقف على "نَدْعُوهُ"، وابتدأ: "إنّهُ"، ومن قرأ: "أنّهُ" بالفتح لَمْ يقف على"نَدْعُوهُ"، لأن "أنّ" متعلقة بما قبلها، والمعنى: نَدْعُوهُ لأنّهُ وَبِأنّهُ". إيضاح الوقف ص ٩٠٩، وينظر أيضًا: معانِي القراءات للأزهري ٣/ ٣٤ - ٣٥، الوسيط للواحدي ٤/ ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>