للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكَ" بفتح "إنّ" وكسرها (١)، والبَرُّ هو اللطيف بعباده، وقيل: هو الرحيم بخلقه لا يعذبهم بعد التوبة.

قوله تعالى: {فَذَكِّرْ}؛ أي: فَعِظْ يا محمد بالقراَن أهْلَ مَكّةَ {فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ} بإنعامه عليك بالنبوة {بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (٢٩)} الكاهن: الذي يُوهِمُ أنه يَعْلَمُ الغَيْبَ، ويُخْبَرُ بما فِي غَدٍ من غَيْرِ وَحْيٍ (٢)، يقال: كَهَنَ يَكْهُنُ كِهانةً، مثل: كَتَبَ يَكْتُبُ كِتابةً (٣)، أي: لَسْتَ تقول بِقَوْلِ كَهانةٍ ولا تَنْطِقُ إلّا بِوَحْيٍ.

قوله: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ}؛ أي: هو شاعر {نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (٣٠)} {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (٤٤)} يعني صُرُوفَ الدَّهْرِ وحَوادِثَهُ، أي: نَنْتَظِرُ به حَدَثانَ المَوْتِ وحَوادِثَ الدَّهْرِ، فَيَهْلِكَ كما هَلَكَ مَنْ قَبْلَهُ مِنَ الشُّعَراءِ، قال ابن عباس رضي اللَّه عنه (٤):

٢٩١ - تَرَبَّصْ بِها رَيْبَ المَنُونِ لَعَلَّها... تُطَلَّقُ يَوْمًا أوْ يَمُوتُ حَلِيلُها (٥)


(١) قاله النحاس في إعراب القرآن ٤/ ٢٥٨.
(٢) قاله الواحدي في الوسيط ٤/ ١٨٩، وينظر: زاد المسير ٨/ ٥٣.
(٣) وفيه لغة أخرى، يقال: كَهُنَ يَكْهُنُ كَهانةً. ينظر: تهذيب اللغة ٦/ ٢٤.
(٤) قال ابن الأنباري: "وحدثني أبو عبد اللَّه القارئ قال: حدثنا أبو بكر الأنصاري قال: حدثنا أبو بشر هارون بن حاتم البَزازُ قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبِي حَمّادٍ عن أسْباطِ بن نصر عن إسماعيل ابن عبد الرحمن السُّدَيِّ عن أبِي مالك عن ابن عباس قال: "ريبٌ": شَكٌّ، إلا مكانًا واحدًا في الطور: "ريبَ المَنُونِ": يعني: حوادث الأمور، قال: وقال ابن عباس: تَرَبَّصْ بِها ريبَ المَنُونِ. . . البيت". إيضاح الوقف والابتداء ص ٩٩ - ١٠٠.
(٥) البيت من الطويل، لِفَرّاصِ بن عُتْبةَ الأزْدِيِّ، وكان قد خطب ابنة عَمٍّ له كان يهواها، فَرُدَّ عنها وزُوِّجَتْ غَيْرَهُ، ونُسِبَ البيت لِحَمّادٍ البَرْتِيِّ، ويُرْوَى: "يَمُوتُ حَمِيمُها"، ويُرْوَى عَجُزُهُ:
سَيَهْلِكُ عَنْها بَعْلُها أوْ تُسَرَّحُ
التخريج: جامع البيان ٢٧/ ٤٣، معجم الشعراء ص ١٩٢، الكشف والبيان ٩/ ١٣١، =

<<  <  ج: ص:  >  >>