للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمَنُونُ يكون بمعنى الدهر ويكون بمعنى المَنِيّةِ.

قال صاحب "إنسان العين" (١): و"أمْ" هاهنا خمسة عشر، وكلها استفهام وإن كان حُكْمُ اللغة كَوْنَ ما بعدها مشكوكًا فيه، لكن أربعة منها للتحقيق: على التوبيخ أو بمعنى "بَلْ"، وهي: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ}، و {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ}، وقد قالُوهُما، و {أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ}، و {أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا}، وقد فَعَلُوهُما، وسائِرُها للإنْكارِ، والمَنُونُ من المَنِّ وهو القَطْعُ، والمراد به حوادث الدهر وأسباب الموت، نزلت فِي المُقْسِمِينَ.

قوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (٤٤) أي: هو سحاب مَرْكُومٌ بَعْضُهُ على بَعْضٍ، و"يَقُولُوا"جزم على جواب الشرط.

قوله: {فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥) أي: يَمُوتُونَ، ومن قرأ: "يُصْعَقُونَ" (٢) بضم الياء فهو من: أصْعَقَهُم اللَّهُ؛ أي: قَتَلَهُمْ أهْلَكَهُمْ (٣)، وذلك


= المحرر الوجيز ٥/ ١٩١، مجمع البيان ٢/ ٩٤، عين المعاني ورقة ١٢٧/ ب، تفسير القرطبي ٣/ ١٥٨، ١٧/ ٧٢، اللسان: ربص، البحر المحيط ٨/ ١٤٨، الدر المصون ٦/ ٢٥١، اللباب في علوم الكتاب ١٨/ ١٣٦، الدر المنثور ٦/ ١٢٠، فتح القدير ١/ ٢٣٢.
(١) ينظر: عين المعانِي ورقة ١٢٧/ ب.
(٢) قرأ عاصم وابن عامر والحسن وزيد بن عَلِيٍّ والسُّلَمِيُّ، وأهلُ مكة في قول شبل بن عباد: {يُصْعَقُونَ} بالبناء للمفعول، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي وأبو جعفر ويعقوب: "يَصْعَقُونَ" بالبناء للفاعل. ينظر: السبعة ص ٦١٣، تفسير القرطبي ١٧/ ٧٧، البحر المحيط ٨/ ١٥٠، الإتحاف ٢/ ٤٩٨.
(٣) قال الفراء: "والعرب تقول: صُعِقَ الرَّجُلُ وصَعِقَ، وسُعِدَ وسَعِدَ، لغات كلها صَوابٌ". معانِي القرآن ٣/ ٩٤، وقال الأزهري: "من قال: صُعِقَ، فهو من: صَعَقَتْهُمْ الصّاعِقةُ، وهم مُصْعَقُونَ، ومن قال: صَعِقَ، فهو فعل لازم". معانِي القراءات ٣/ ٣٥، ومعنى هذا أن "يُصْعَقُونَ" مأخوذ من صُعِقَ المبني للمفعول، وأما مَكِّيٌّ فقد جعله من أصْعَقَ كما قال =

<<  <  ج: ص:  >  >>