للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {فَاسْتَوَى} قيل (١): معناه: واعْتَدَلَ قائِمًا بعد أن كان يَنْزِلُ مُسْرِعًا، كقوله: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى} (٢)، وليس هو من باب: استوى زَيْدٌ وعَمْرٌو، فإنه يقال: هُوَ وهُوَ، ولا يُعطْفُ على الضمير المُسْتَكِنِّ، وما أنشده الفراء (٣):

٢٩٤ - ألَمْ تَرَ أنّ النَّبْعَ يَصْلُبُ عُودهُ... فَلَا يَسْتَوِي والخِرْوَعُ المُتَقَصِّفُ (٤)

فجعل "الخِرْوَعُ" نَسَقًا على ما في "يَسْتَوِي"، وهذا لا تليق به بلاغة لغة القرآن، وقيل: معناه: اسْتَوَى محمدٌ وجِبْرِيلُ في الأُفُقِ الأعلى، هكذا ذكره صاحب "إنسان العين" (٥).


(١) ذكره النحاس بغير عزو في إعراب القرآن ٤/ ٢٦٦.
(٢) القصص ١٤.
(٣) معاني القرآن ٣/ ٩٥، وقد أنشد الفراء هذا البيت شاهدًا على أن "هُوَ" في قوله تعالى: {فَاسْتَوَى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى}، معطوف على الضمير المستكنِّ في {اسْتَوَى} بغير توكيد ولا فصل، قال الفراء: "وقوله تعالى: {فَاسْتَوَى}: استوى هو وجبريلُ بالأفق الأعلى لَمّا أُسْرِيَ به، وهو مَطْلِعُ الشمس الأعلى، فأضمر الاسم في {اسْتَوَى}، ورَدَّ عليه {هُوَ}، وأكثر كلام العرب أن يقولوا: اسْتَوَى هو وأبُوهُ، ولا يكادون يقولون: اسْتَوَى وأبُوهُ، وهو جائز، لأن في الفعل مضمرًا، أنشدنِي بعضهم: ألم تر. . . البيت". معاني القرآن ٣/ ٩٥.
(٤) البيت من الطويل، لجرير من قصيدة يَرُدُّ بها على الفرزدق.
اللغة: النبع: من أشجار الجبال أصفر تُتَّخَذُ منه القِسِي، يَصْلُبُ عُودُهُ: يَيْبَسُ، الخِرْوَعُ المتقصف: المتكسر.
التخريج: ديوانه ص ٩٣٢، إيضاح الوقف والابتداء ص ٩١١، الكشف والبيان ٩/ ١٣٧، أساس البلاغة: قصف، المحرر الوجيز ٥/ ١٩٧، زاد المسير ٨/ ٦٤، عين المعانِي ورقة ١٢٧/ ب، تفسير القرطبي ١٧/ ٨٥، ارتشاف الضرب ص ٢٤٢٦.
(٥) عين المعانِي ورقة ١٢٧/ ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>