للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى (٥١)} وهم قوم صالح، أهلكهم اللَّه بالصيحة، فما أبقى منهم أحَدًا، وقرأ حمزة وعاصم: {ثَمُودَ} (١) بغير تنوين، وثَمُودُ على وزن فَعُولٍ، فمن جعله اسمَ حَيٍّ أو أبٍ صَرَفَهُ لأنه مُذَكَّر، ومن جعله اسمَ قبيلةٍ أو أرْضٍ لَمْ يصرفه (٢)، وسُمِّيَتْ ثَمُودً لِقِلّةِ مائِها، والثَّمَدُ: الماء القليل.

قوله: {وَقَوْمَ نُوحٍ} يعني: أهْلَكَ اللَّهُ قَوْمَ نُوحٍ من قبل عادٍ وثمودَ {إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى (٥٢) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى (٥٣)} وهي قُرَى قَوْمِ لُوطٍ المَخْسُوفِ بها، وذلك أن جبريل عليه السّلام أدخل جَناحَهُ تحتها، فَرَفَعَها إلى السماء حتى سَمِعَ ملائكةُ السماء الدنيا أصوات الدِّيَكةِ ونَبْحَ الكِلَابِ، ثُمَّ قَلَبَها فَهَوَتْ من السماء إلى الأرض (٣)، ونصب "المُؤْتَفِكةَ" بـ "أهْوَى".

وقوله: {فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى (٥٤)} يعني: من العذاب؛ أي: ألْبَسَها الحِجارةَ، ومحل "ما" نصب لأنه مفعولٌ ثانٍ لِلتَّغْشِيةِ (٤)، والفائدة في هذا معنى التعظيم،


= قال الزجاج: "فأما "الأُولَى" ففيها ثلاث لغات: بسكون اللام وإثبات الهمزة، وهي أجود اللغات، والتي تليها في الجودة: "الُاولَى" بضم اللام وطرح الهمزة". معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٧٧. وقد حكم الأزهري على قراءة نافع بالشذوذ، فقال: "وأما هَمْزُ نافعٍ "لُؤْلَى" فإني أظُنُّهُ نَقَلَ هَمْزةَ "الأُولَى" من أولها إلى الواو، وليست بجيدة، ولا أرى أن يُقْرَأ بها لأنها شاذة". معانِي القراءات ٣/ ٣٩، وينظر: الحجة للفارسي ٤/ ٨ - ١٠، الإغفال ٢/ ٥٤٠ - ٥٤٣.
(١) قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر والكسائي وأبو جعفر وخلف: "وَثَمُودًا" بالتنوين، ورواها حسينٌ الجعفيُّ والكسائي عن أبِي بكر عن عاصم، ورَوَى يحيى بنُ آدم عن أبِي بكر عن عاصم، وحفصٌ عن عاصم: "وثمودَ" بغير تنوين، وهي قراءة الباقين. ينظر: السبعة ص ٦١٦، النشر ٢/ ٢٨٩ - ٢٩٠، الإتحاف ٢/ ١٢٩، ٥٠٣.
(٢) ذكره سيبويه في الكتاب ٣/ ٢٥٢ - ٢٥٣، وينظر: ما ينصرف وما لا ينصرف للزجاج ص ٧٩.
(٣) قاله السُّدِّيُّ، ينظر: جامع البيان ١٢/ ١٢٨، ٢٧/ ١٠٤، تفسير ابن كثير ٢/ ٤٧١.
(٤) "ما" اسم موصول بمعنى "الَّذِي"، وهو مفعولٌ ثانٍ لـ "غَشّاها"، والمفعول الأول هو =

<<  <  ج: ص:  >  >>