للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {وَحَمَلْنَاهُ} يعني نوحًا {عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ} يعني صَفائِحَ السفينة، أي: على سفينةٍ ذاتِ ألواح، وهي خُشْبانُها العَرِيضةُ التي منها جُمِّعَتْ {وَدُسُرٍ (١٣)} يعني المسامير التي تُشدُّ بها الألواحُ، واحدها دِسارٌ ودَسِيرٌ، دَسَرْتُ السفينةَ: إذا شَدَدْتَها بالمسامير، وكل شيء إذا دَخَلَ فِي شيء بشِدّةٍ فهو الدَّسْرُ (١)، وقيل (٢): الدُّسُرُ: حِبالُ اللِّيفِ.

قوله: {تَجْرِي} يعني السفينة {بِأَعْيُنِنَا} بنَظَرٍ ومَرْأًى مِنّا، وقيل: بحِفْظِنا، ومنه قول الناس لِلْمُوَدَّعِ: عَيْنُ اللَّهِ عليك أي: حِفْظُهُ {جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ (١٤)} يعني: فَعَلْنا ذلك ثَوابًا لِنُوحٍ عليه السّلامِ، فأنجيناه ومَنْ آمَنَ به، وأغرقنا من جَحَدَ أمْرَهُ وكَفَرَ به، وما نَجا من الكفار غيْرُ عُوجِ بن عُنُقٍ (٣)، كان الماء إلى مِنْخَرَيْهِ (٤)، ونصب "جَزاءً" على المصدر (٥).


= "الماوانِ"، ورُوِيَ عنه أيضًا: "المايانِ" بقلب الهمزة ياء. ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٤٨، تفسير القرطبي ١٧/ ١٣٢، البحر المحيط ٨/ ١٧٥.
(١) قاله ابن عباس وابن زيد وقتادة وابن جبير وأبو عبيدة وابن قتيبة والزجاج وغيرهم، ينظر: مجاز القرآن ٢/ ٢٤٠، غريب القرآن لابن قتيبة ص ٤٣٢، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٨٧، ٨٨، زاد المسير ٨/ ٩٣، تفسير القرطبي ١٧/ ١٣٢.
(٢) قاله الليث، ينظر: تهذيب اللغة ١٢/ ٣٥٥، شفاء الصدور ٧٩/ أ، الصحاح ٢/ ٦٥٧، تفسير القرطبي ١٧/ ١٣٣.
(٣) قال الفيروزآبادي: "وعُوقٌ كنوح والدُ عُوج الطويل، ومن قال: عوجُ بنُ عنق فقد أخطأ". القاموس المحيط: عنق، عوق، وَرَدَّهُ الزَّبِيدِيُّ بقوله: "هذا الذي خَطَّأهُ [يعني الفَيْرُوزآبادِيَّ] هو المشهور على الألسنة، قال شيخنا: وزعم قوم أن عنق هي أم عوج وعوق أبوه، فلا خطأ ولا غلط". التاج: عوق.
(٤) قاله السجاوندي في عين المعانِي ورقة ١٢٩/ أ، ولكن هذا القول غير صحيح، فإن عُوجًا هذا غرق فيمن غرق، ينظر: البداية والنهاية ١/ ١١٤.
(٥) أي: جزيناهم جزاء، فهو مصدر مؤكد لفعله المحذوف، وهذا قول النحاس في إعراب القرآن ٤/ ٢٨٩، ويجوز أن يكون "جزاء" مفعولًا له؛ أي: فعلنا ذلك جزاءً للمكفور، =

<<  <  ج: ص:  >  >>