للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صانعون {وَاصْطَبِرْ (٢٧)} على ما يُصِيبُكَ] (١) من الأذى، و"اصْطَبِرْ": افْتَعِلْ من الصَّبْرِ، وأصل الطاء فيه تاء، فَحُوِّلَتْ طاءً لأجل الصاد.

قوله: {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ} يعني: بَيْنَ ثَمُودَ وبَيْنَ الناقةِ، يَوْمٌ لها ويَوْمٌ لهم، وإنما قال: "بَيْنَهُمْ"؛ لأن العرب إذا أخبرت عن بني آدم وعن البهائم غَلَّبُوا بني آدم على البهائم (٢)، وقوله: {كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (٢٨)} يعني: إذا كان يومُ الناقة حَضرَتْ شِرْبَها، وإذا كان يَوْمُهُمْ حَضَرُوا شِرْبَهُمْ، والشِّرْبُ: النَّصِيبُ، وحُضِرَ واحْتُضِرَ واحد.

قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ} يعني: على قوم صالح {صَيْحَةً وَاحِدَةً} صاحَ بهم جبريلُ عليه السّلام صَيْحةً، فَخَمَدُوا جميعًا {فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (٣١)} الهَشِيمُ: حُطامُ الشَّجَرِ والبَقْلِ، شَبَّهَهُمْ بالشيء الذي قد بَلِيَ وتَغَيَّرَ. والمُحْتَظِرُ -بكسر الظاء-: الرَّجُلُ الذي يَتَّخِذُ الحَظِيرةَ لإبلِهِ أو غَنَمِهِ من البَرْدِ (٣)، ويقال: احْتَظَرَ على غَنَمِهِ: إذا جَمَعَ الشَّجَرَ، ووَضَعَ بَعْضَهاَ فَوْقَ بَعْضٍ، وهو كُلُّ شَيءٍ كان رَطْبًا فَيَبسَ (٤)، وقيل (٥): المُحْتَظَرُ: هو الشَّوْكُ الذي تَحْظُرُ به العَرَبُ حَوْلَ مَواشِيها من السباع، والمعنى: أنهم بادُوا وهَلَكُوا، فصاروا كَيابِسِ الشَّجَرِ إذا تَحَطَّمَ.


(١) ما بين المعقوفتين زيادة من زاد المسير ٨/ ٩٧.
(٢) قال الفراء: "لأن الناس إذا خالَطَهُمْ شَيْءٌ من البهائم صار فِعْلُهُمْ كَفِعْلِ الناس كما قال: "وَنَبِّئْهُمْ أنّ الْماءَ قِسْمةٌ بينَهُمْ"، فصارت الناقة بِمَنْزِلةِ الناس". معانِي القرآن ٣/ ١١٢، وينظر: الكشف والبيان ٩/ ١٦٨، تفسير القرطبي ١٧/ ١٤٠.
(٣) قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة ٨١/ أ.
(٤) قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة ٨١/ أ، وحكاه ابن الجوزي عن ابن عباس في زاد المسير ٨/ ٩٨، وينظر: تفسير القرطبي ١٧/ ٩٨، غريب القرآن للسجستانِيِّ ص ١٥٠، الوسيط ٤/ ٢١١.
(٥) قاله ابن عباس والضحاك وابن زيد، ينظر: غريب القرآن لابن قتيبة ص ٤٣٤، جامع =

<<  <  ج: ص:  >  >>