للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (٣٣)} يعني الرسل {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا} يعني: رِيحًا تَرْضَخُهُمْ بالحَصْباءِ، وهي الحَصَى، والحاصِبُ والحَصَبُ والحَصْباءُ هي الحَجَرُ الذي دُونَ مِلْءِ الكَفِّ، والمُحَصَّبُ: الموضع الذي تُرْمَى فيه الحِجارةُ (١).

ثم استثنى فقال: {إِلَّا آلَ لُوطٍ} يعني لوطا وابنتيه {نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (٣٤)} يريد: من ذلك العذاب الذي أصاب قومه {نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا} قال الأخفش (٢): إنما أجرى قوله: "بسَحَرٍ" لأنه نَكِرةٌ، ومجازه: بِسَحَرٍ من الأسْحارِ، ولو أراد سَحَرَ يَوْمٍ بعينه لقالَ: "بِسَحَرَ" غير مُجْرًى.

ونصب "نِعْمةً" على تقدير: جعلنا ذلك نعمةً من عندنا عليهم، وقيل (٣): هو مفعول له؛ أي: للإنعام عليهم، وقيل (٤): هو نصب على المصدر، ويجوز الرفع بمعنى: تلك نعمةٌ من عندنا (٥)، {كَذَلِكَ}؛ أي: كما أنعمنا عليهم {نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (٣٥)} قال مقاتل: مَنْ وَحَّدَ اللَّهَ لَمْ يُعَذَّبْ مع المشركين.


= البيان ٢٧/ ١٣٦ - ١٣٧، إعراب القرآن ٤/ ٢٩٥، شفاء الصدور ورقة ٨١/ أ، الكشف والبيان ٩/ ١٦٨.
(١) ينظر: تهذيب اللغة ٤/ ٢٦٠، ٢٦١، الصحاح ١/ ١١٢.
(٢) لَمْ أقف على قوله في معانِي القرآن، وإنما ذكره الثعلبي في الكشف والبيان ٩/ ١٦٩، وينظر: تفسير القرطبي ١٧/ ١٤٣.
(٣) قاله الزجاج والنحاس وغيرهما، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٩٠، إعراب القرآن ٤/ ٢٩٧، وينظر أيضًا: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٤٠، الفريد للهمداني ٤/ ٣٩٩.
(٤) قاله ابن عطية في المحرر الوجيز ٥/ ٢١٩، وينظر: التبيان للعكبري ص ١١٩٥، البحر ٨/ ١٨٠.
(٥) هذا في غير القرآن، قال الزجاج: "ولو قُرِئَتْ: "نِعْمةٌ مِنْ عِنْدِنا" كان وجهًا، ويكون المعنى: تِلْكَ نِعْمة مِنْ عِنْدِنا. . . ولكني لا أعلم أحدًا قرأ بها، فلا تَقْرَأنّ بها إلّا أن تَثْبُتَ روايةٌ صحيحةٌ". معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٩٠ - ٩١، وينظر: إعراب القرآن ٤/ ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>