للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ} يعني لوطًا، أنذر قومه {بَطْشَتَنَا}؛ أي: أخْذَنا إيّاهُمْ بالعذاب {فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ (٣٦) أي: شَكُّوا بالإنذار، ولَمْ يُصدِّقُوا، ونصب "بَطْشَتَنا" بنَزْعِ الصفة، تقديره: ببَطْشَتِنا {وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ} طلبوا أن يُسْلِمَ إليهم أضْيَافَهُ {فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ} وهو أن جبريل عليه السّلام صَفَقَ عليهم بِجَناحَيْهِ فَأذْهَبَها، والقصة مذكورة في سورة هود (١).

وتَمَّ الكلامُ ثم قال: {فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (٣٧) أي: وما أنْذَرَكُمْ به لوطٌ من العذاب، سُمِّيَ العذابُ باسم الإنذار.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً} يعني: أتاهم العذاب صباحًا {عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ (٣٨)} يعني: استقر بقوم لوط عذاب اللَّه، ونصب {بُكْرَةً} على الظرف أي: في وقت الصبح.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (٤١)} يجوز أن يكون جمع نَذِيرٍ وهي الآيات، وذلك قوله: {كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا} يعني الآيات التي أنذرهم بها موسى {فَأَخَذْنَاهُمْ} يريد: بالعذاب {أَخْذَ عَزِيزٍ}؛ أي: غالب في انتقامه {مُقْتَدِرٍ (٤٢)} قادر على هلاكهم، ونصب "أخْذَ" على المصدر.

ثم خَوَّفَ كُفّارَ مكة، فقال تعالى: {أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ} هذه إشارة إلى قوم فرعون، والخطاب لكفار قريش، وهذا استفهام معناه الإنكار، وقيل: هو إشارة إلى مَنْ مَضَى من الأمم الخالية، والمعنى: ليسوا بأقوى ولا أشَدَّ من قوم نوح وعاد وثمود، وقد أهلكناهم {أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ (٤٣)} يعني الكتب التي أنزلها اللَّه، بأنكم لا تُعَذَّبُونَ، والمعنى: ألَكُمْ بَراءةٌ من العذاب في الكتب أنه لن يصيبكم ما أصاب الأمم الخالية.


(١) وهي في القسم المفقود من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>