للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إضمار: وَقَعَتْ خافِضةً رافِعةً (١)، هكذا ذكره المَكِّيُّ في مُشْكِلِهِ (٢).

وقال ابن الأنباري (٣): وذلك أن تَنْصِبَهُما على مذهب المدح، كما تقول: جاءَنِي عَبْدُ اللَّهِ العاقِلَ، وأنت تمدحه، وكذلك: كَلَّمَنِي زيدٌ الفاسِقَ، وأنت تَذُمُّهُ.

قوله تعالى: {إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (٤)} مصدر؛ أي: إذا زُلْزِلَت الأرضُ زِلْزالًا فَتَحَرَّكَت بأهلها، وكل ما زُعْزِعَ فقد رُجَّ، وكل ما اضطرب حتى سُمِعَ فقد رُجَّ، وصَوْتُهُ رَجَّتُهُ (٤)، ومنه قولهم: السَّهْمُ يَرْتَجُّ فِي الغَرَضِ؛ أي: يَهْتَزُّ ويَضْطَرِبُ.

قال المفسرون (٥): تَرْتَجُّ الأرْضُ كما يَرْتَجُّ الصَّبِيُّ فِي المَهْدِ، حتى يَتَهَدَّمَ كُلُّ بِناءٍ عليها، ويَتَكَسَّرَ كُلُّ شَيْءٍ عليها من الجبال وغيرها، وأصل الرَّجِّ في اللغة: التَّحْرِيكُ، يقال: رَجَجْتُهُ فارْتَجَّ، فإن ضاعَفْتَهُ قُلْتَ: رَجْرَجْتُهُ فَتَرَجْرَجَ.

قوله: {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (٥) أي: فتِّتَتْ فَتًّا، وَلُتَّتْ لَتَّا، كما يُبَسُّ السَّوِيقُ ويُلَتُّ (٦)، قال الشاعر:


(١) أجازه الفراء، ولكنْ على قُبْحٍ، فقال: "ولو قرأ قارئ: "خافِضةً رافِعةً" يريد: إذا وَقَعَتْ وَقَعَتْ خافِضةً لِقَوْمٍ رافِعةً لآخَرِينَ. ولكنه يَقْبُحُ؛ لأن العرب لا تقول: إذا أتَيْتَنِي زائِرًا، حتى يقولوا: إذا أتَيْتَنِي زائِرًا فَأْتِنِي زائِرًا أو ائْتِنِي زائِرًا". معانِي القرآن ٣/ ١٢١.
(٢) مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٤٩، ونص كلامه من أول قوله: "وفيه بُعْدٌ".
(٣) إيضاح الوقف والابتداء ص ٩١٨.
(٤) قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة ٩٢/ أ، وينظر: النهاية لابن الأثير ٢/ ١٩٧.
(٥) حكاه الثعلبي في الكشف والبيان ٩/ ٢٠٠، وينظر: الوسيط ٤/ ٢٣٢، القرطبي ١٧/ ١٩٦.
(٦) قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة ٩٢/ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>