للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم احتج عليهم في البعث بقوله تعالى: {نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ}؛ أي: خلقناكم ولَمْ تكونوا شيئًا، وأنتم لا تعلمون ذلك {فَلَوْلَا}؛ أي: فَهَلّا {فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ (٥٧)} بالبعث.

قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (٥٨) أي: تَصُبُّونَ في أرحام النساء من النُّطَفِ {أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ} بَشَرًا {أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (٥٩)} استفهام إنكار {نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ} منكم من يموت كبيرًا، ومنكم من يموت صغيرًا، وقيل: تقديره أنه جَعَلَ أهل السماء وأهل الأرض فيه سواءً، وعلى هذا يكون معنى "قَدَّرْنا" قَضَيْنا، وقرأ ابن كثير: {قَدَرْنا} (١) مخففًا، وهما لغتان، يقال: قَدَرْتُ الشَيءَ وقَدَّرْتُهُ (٢) {وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٦٠) أي: بمَغْلُوبِينَ {عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ}؛ أي: نأتِي بِخَلْقٍ مِثْلِكم بَدَلًا منكم {وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (٦١)} من الصُّوَرِ؛ أي: نجعل منكم القِرَدةَ والخَنازِيرَ، ولَمْ يَفُتْنا ذلك {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى} يعني ابتداء الخَلْقِ حين خُلِقْتُمْ من نُطْفةٍ وعَلَقةٍ ومُضْغةٍ {فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ (٦٢) أي: فَهَلَّا تَتَّعِظُونَ، فلا تُنْكِرُوا قدرة اللَّه على النشأة الأخيرة، قرأ أبو عمرو وابن كثير والحسن: "النَّشاءةَ" بالمَدِّ حيث وقع، وقرأ الباقون بالقصر (٣)، وهما لغتان فصيحتان.

قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (٦٣) أي: تُثَيرُونَ الأرضَ وتعملون فيها وتُلْقُونَ فيها من البَذْرِ {أَأَنْتُمْ} ابتداء {تَزْرَعُونَهُ} خبره؛ أي: تُنْبِتُونَهُ،


(١) هذه قراءة ابن مُحَيْصِنٍ ومجاهد وحُمَيْدٍ أيضًا، ينظر: السبعة ص ٦٢٣، تفسير القرطبي ١٧/ ٢١٦، الإتحاف ٢/ ٢١٦.
(٢) ينظر ما سبق في الآية ٨٧ من سورة الأنبياء {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} ١/ ٢٠٣.
(٣) ينظر ما تقدم في سورة العنكبوت ٢/ ١٣ وسورة النجم ٣/ ٢٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>