للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خبر ابتداء محذوف تقديره: هو تَنْزِيلٌ، ويحتمل أن يكون رَفْعُهُ على البَدَلِ من قوله: {لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} (١).

قوله: {أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ} يعني القرآن {أَنْتُمْ} يا أهل مكة {مُدْهِنُونَ (٨١)} مُكَذِّبُونَ كافرون، والمُدْهِنُ والمُداهِنُ: الكَذّابُ المنافق (٢)، ومعنى المُدْهِنِ من الإدْهانِ وهو الجَرْيُ في الباطن على خلاف الظاهر، هذا أصله.

قوله: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ} يعني حَظَّكُمْ ونَصِيبَكُمْ من القرآن {أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢)} وقيل (٣): هذا فِي الاستسقاء، كانوا يقولون: مُطِرْنا بنَوْءِ كَذا، ولا يَنْسُبُونَ ذلك إلى اللَّه تعالى، فقيل لهم: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ} أي: شُكْرَكُمْ بما رُزِقْتُم التكذيبَ، والمعنى: شُكْرَ رِزْقِكُمْ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه كقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} (٤) ونحوها.


(١) لا وجه للبدل هنا، ولكن "تَنْزِيلٌ" إما أن يكون خَبَرًا لمبتدأ محذوف، وإما أن يكون صفة أخرى لـ "قُرآنٌ"؛ أي: مُنَزَّلٌ من رَبِّ العالمين، من باب تسمية المفعول بالمصدر، كالخَلْقِ بمعنى المَخْلُوقِ، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ١١٦، الكشاف ٤/ ٥٩، الفريد للهمداني ٤/ ٤٢٣.
(٢) قاله الزجاج فِي معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ١١٦، وينظر أيضًا: تهذيب اللغة ٦/ ٢٠٧.
(٣) قاله ابن عباس وعطاء وابن قتيبة، ينظر: غريب القرآن لابن قتيبة ص ٤٥٢، الوسيط ٤/ ٢٤٠، زاد المسير ٨/ ١٥٤، تفسير القرطبي ١٧/ ٢٢٨.
(٤) يوسف ٨٢، وهذا قول الزجاج والنحاس، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ١١٦، إعراب القرآن ٤/ ٣٤٤، وقال الطبري: "وقد ذُكِرَ عن الهيثم بن عَدِيٍّ أن من لغة أزْدِ شَنُوءةَ: ما رِزْقُ فُلانٍ؟ بمعنى: ما شُكْرُه". جامع البيان ٢٧/ ٢٧٠، وقال ابن دريد: "والرِّزق: الشكر، لغة سَرَويّة، قال الشاعر:
مَنَنْتُ عَلَى رُجّالِ عَمْرٍو... بِرَزاقِيٍّ غَيْرِ مَرْزُوقِ
أي؛ غير مَشْكُورٍ، ومنه: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ}؛ أي: شُكْرَكُمْ". جمهرة اللغة ٢/ ٧٠٧ - ٧٠٨، =

<<  <  ج: ص:  >  >>