للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبِي بكر (١) عن أبيه قال: كان في كتاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لِعَمْرِو بن حَزْمٍ (٢): "لَا يُمسُّ القُرْآنُ إلّا عَلَى طُهْرٍ" (٣).

وأصل قوله: "لَا يَمَسُّهُ": لا يَمْسَسُهُ، فأُدْغِمَت السين بالسين، ونُقِلَت الحركة إلى الميم، فظاهر الآية خبر، ومعناها نَهْيٌ، كقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} (٤) ونحوها، فاللفظ لفظ الخبر، والمراد به النَّهْيُ.

قوله: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٨٠)} يعني: القُرآنُ مُنَزَّلٌ من عند رَبِّ العالمين على رسولِهِ سَيِّدِ المرسلين محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَسُمِّيَ المُنَزَّلُ تَنْزِيلًا على اتساع اللغة، كما تقول للمقدور: قَدَرٌ، وللمخلوق: خَلْقٌ، و"تَنْزِيلٌ" رفع على


(١) عبد اللَّه بن أبِي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري، أبو محمد المديني، تابعي ثقة ثبت صدوق، كان كثير الحديث، روى عن أنس بن مالك وعروة بن الزبير وغيرهم، توفِّي سنة (١٣٥ هـ)، وقيل: (١٣٠ هـ). [التاريخ الكبير ٥/ ٥٤، تهذيب الكمال ١٤/ ٣٤٩ - ٣٥١، سير أعلام النبلاء ٥/ ٣١٤ - ٣١٥].
(٢) عمرو بن حزم بن زيد بن لَوْذانَ، أبو الضحاك الأنصاري، والٍ من الصحابة، شهد غزوة الأحزاب وما بعدها، استعمله الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- على نَجْرانَ، وتوفِّي سنة (٥٣ هـ). [أسد الغابة ٤/ ٩٨، الإصابة ٤/ ٥١١، الأعلام ٥/ ٧٦].
(٣) رواه عبد الرزاق في مصنفه ١/ ٣٤١، ٣٤٢، وينظر: الكشف والبيان ٩/ ٢٢٠، الوسيط ٤/ ٢٤٠.
(٤) البقرة ٢٢٨، وهذا وجه، وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة وأبِي حنيفة، والوجه الثانِي: أن يكون اللفظ والمعنى نَهْيًا، وهو مذهب ابن عمر ومالك والشافعي وطاووس، وذلك بأن تكون "لا" ناهية، ويكون "يَمَسُّهُ" مجزومًا بـ "لا"، قاله مَكِّيُّ بن أبِي طالب في مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٥٤، وينظر: المحرر الوجيز ٥/ ٢٥٢، الفريد ٤/ ٤٢٢، تفسير القرطبي ١٧/ ٢٢٥ - ٢٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>