للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العَظِيمِ، رَبَّنا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، مُنْزِلَ التَّوْراةِ والإنْجِيلِ والزَّبُورِ والفُرْقانِ، فالِقَ الحَبِّ والنَّوَى، أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِهِ، أنْتَ الأوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وأنْتَ الظّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأنْتَ الباطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنّا الدَّيْنَ، وَأغْنِنا مِنَ الفَقْرِ" (١).

قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} بلا كَيْفٍ قبل أن يَخْلُقَهُما {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ} مِنْ قَطْرِ المَطَرِ {وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا} من النبات {وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ} من الوَحْيِ الذي يُنْزِلُهُ إلَى رُسُلِهِ {وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا}؛ أي: وما يَصْعَدُ فيها من الملائكة وأعمال بني آدم {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} يُخْبِرُهُم تعالى بقدرته عليهم وعِلْمِهِ بهم، فليس يَخْلُو أحَدٌ من تَعَلُّق عِلْمِ اللَّهِ وقُدْرَتهِ بهِ أيْنَما كانَ، من أرض وسماء وبَرٍّ وبَحْرٍ {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤)} لا يَخْفَى علَيه شيءٌ.

{لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٥)} يعني أمور الخلائق في الآخرة {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} نَظِيرُهُ قولُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} (٢)، وقد ذَكَرْتُ تفسير الإيلاج في سورة آل عمران (٣)، فَأغْنَى عن الإعادة هاهنا، {وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٦)} يعني ما في القلوب مما لَمْ تَنْطِقْ به الألْسُنُ، نظيره قوله تعالى: {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} (٤)؛ أي: ما تُحَدِّثُ به نَفْسُهُ.


(١) رواه ابن ماجَهْ في سننه ٢/ ١٢٥٩ كتاب الدعاء: باب دعاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والترمذي في سننه ٥/ ١٨١ أبواب الدعوات، وينظر: الكشف والبيان ٩/ ٢٣٠ - ٢٣١.
(٢) الزمر ٥.
(٣) الآية ٢٧، وهي في القسم المفقود من هذا الكتاب.
(٤) ق ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>