للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بصائرهم أيضًا أنْفَذَ. ونصب {دَرَجَةً} على التمييز، ومَحَلُّ {مَنْ} رفع؛ لأنه فاعل بـ {يَسْتَوِي}.

قوله تعالى: {وَكُلًّا} يعني الفريقين {وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} يعني الجنة، قرأه العامة منصوبًا على المفعول به، وقرأ ابن عامر: "وَكُلٌّ" (١) بالرَّفع على الاستئناف، وقيل: على لغة من يقول: زيدٌ ضَرَبْتُ، ومعنى قوله: {وَعَدَ اللَّهُ}؛ أي: وَعَدَهُ اللَّهُ (٢)، قال الشاعر:

٣٣٨ - قَدْ أصْبَحَتْ أُمُّ الخِيارِ تَدَّعِي


(١) قرأ ابن عامر، وعبد الوارث من طريق المادراي: "وَكُلٌّ" بالرفع، وكذلك هو في مصاحف أهل الشام، ينظر: السبعة ص ٦٢٥، تفسير القرطبي ١٧/ ٢٤١، البحر المحيط ٨/ ٢١٨، الإتحاف ٢/ ٥٢٠.
(٢) جعل سيبويه الرَّفْعَ فِي مثل هذا ضعيفًا لا يجوز إلّا في الشعر، فقال: "ولا يَحْسُنُ في الكلام أن يَجْعَلَ الفعلَ مَبْنِيًّا على الاسم، ولا يَذْكُرَ علامةَ إضمارِ الأولِ، حتى يخرج من لفظ الإعمال في الأول، ومِنْ حال بناء الاسم عليه، ويَشْغَلَهُ بغير الأول حتى يمتنع من أن يكون يَعْمَلُ فيه، ولكنه قد يجوز في الشعر، وهو ضعيف في الكلام، قال الشاعر، وهو أبو النجم العجلي:
قَدْ أصْبَحَتْ أُمُّ الخِيار تَدَّعِي
عَلَيَّ ذَنْبًا، كُلُّهُ لَمْ أَصْنَعِ
. . . وكأنه قال: كُلُّهُ غَيْرُ مصنوعٍ. . . .، فهذا ضعيف، والوجه اكثر الأعرف النصبُ". الكتاب ١/ ٨٥ - ٨٦، وشَبَّهَهُ سيبويه بحذف الهاء من جملة الصلة والصفة، ينظر: الكتاب ١/ ٨٦ - ٨٨. وقال الفارسي مُعَلِّقًا على قراءة الرَّفع: "وحجة ابن عامر أن الفعل إذا تقدم عليه مفعولُهُ لَمْ يَقْوَ عَمَلُهُ فيه قُوَّتَهُ إذا تأخر. . . فكذلك قوله: "وَكُلٌّ وَعَدَ اللَّهُ الحُسْنَى" يكون على إرادة الهاء وحذفها". الحجة ٤/ ٢٦.
والمبرد لا يُجِيزُ مِثْلَ هذا في شعر ولا نثر، ويُخَرِّجُ قراءة الرفع على أن جملة {وَعَدَ اللَّهُ} نعت لـ "كُلٌّ"، قال النحاس: "وأبو العباس محمد بن يزيد لا يجيز هذا في منثور ولا منظوم، إلّا أن يكون يجوز فيه غَيْرُ ما قَدَّرَهُ سيبويه، وهو أن يكون الفعل نَعْتًا. . . فيكون "كُلٌّ" بمعنى: وأولئك وَعَدَ اللَّهُ، فيكون نعتًا". إعراب القرآن ٤/ ٣٥٤. =

<<  <  ج: ص:  >  >>