للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرط وجزاء {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ} عن خَلْقِهِ {الْحَمِيدُ (٢٤)} عند جميع خَلْقِهِ.

قرأ نافعٌ وابنُ عامر: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ} (١)، وقرأ العامة: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ}، قال الواحِدِيُّ (٢): فمن أثبت {هُوَ} كان فَصْلًا، ولَمْ يكن مبتدأً، ومن حذف فلأن الفصلَ حَذْفُهُ سَهْلٌ، ألا ترى أنه لا موضع للفصل من الإعراب، فَحَذْفُهُ لا يُخِلُّ بالمعنى، وقال صاحب "إنسان العين" (٣): جَعْلُ هُوَ (٤) فَصلًا أوْلَى؛ لأنه لا حَظَّ لَهُ من الإعراب، فَحَذْفُهُ أسْهَلُ، تقول في الفَصْلِ: ضَرَبْتُ زيدًا هُوَ قائِمًا، وفي الابتداء: هُوَ قائِمٌ.

قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ} يعني: الحَوارِيِّينَ، اتَّبَعُوا عيسى -عليه السلام- {رَأْفَةً وَرَحْمَةً} يعني المَوَدّةَ، ويقال: "رَآفةً" (٥)، وقد رَؤُفَ وَرَأفَ رَأْفةً وَرَحْمةً، وذلك أنهم كانوا مُتَوادِّينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، كما وَصَفَ اللَّهُ تعالى أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله: {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} (٦).


(١) قرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر: "فَإنَّ اللَّهَ الغَنِيُّ"، وكذلك هو في مصاحف أهل المدينة والشام، وقرأ الباقون: {هُوَ الْغَنِيُّ}، وكذلك هو في مصاحف أهل مكة والعراق، ينظر: السبعة ص ٦٢٧، البحر المحيط ٨/ ٢٢٤، الإتحاف ٢/ ٥٢٣.
(٢) الوسيط ٤/ ٢٥٣.
(٣) السَّجاوِنْدِيُّ ذَكَرَ القِراءةَ، ولَمْ يذكر عِلَّتَها في عين المعانِي ورقة ١٣٢/ أ، وأما قوله: "ضَرَبْتُ زَيْدًا هُوَ قائِمًا" فلا يجوز عند البصريين؛ لأن من شروط ضمير الفصل أن يقع بين مبتدأ وخبر أو بين ما أصله المبتدأ والخبر، والمثال الذي ذكره وقع فيه الضمير بين المفعول به وبين الحال.
(٤) في الأصل: "جعل الغني".
(٥) وقد قرأ قُنْبُلٌ من طريق ابن شَنَبُوذٍ: "رَآفةً" بالمَدِّ، ينظر: الإتحاف ٢/ ٥٢٣.
(٦) الفتح ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>