للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و {الَّذِينَ} في موضع رفع بالابتداء، ويجوز على قول سيبويه أن يكون في موضع نصب بـ {بَصِيرٌ} (١).

وقوله: {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} قرأه العامة بكسر التاء، وهي في موضع نصب على خبر {مَا}، كقوله: {مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ} (٢)، وقيل: على معنى: ليس هن بأمهاتهم، وقرأ المفضلُ وعاصمٌ في بعض الروايات بضم التاء (٣) على المبتدأ والخبرِ، على لغة بني تميم؛ لأنهم لا يُعْمِلُونَ "ما" عَمَلَ "لَيْسَ" كَفِعْلِ أهْلِ


(١) يعني أن سيبويه يُجِيزُ إعْمالَ "فَعِيلٍ"، من صيغ المبالغة، عَمَلَ الفِعْلِ، فقد قال سيبويه: "وَأجْرَوُا اسْمَ الفاعل، إذا أرادوا أن يبالغوا في الأمر، مُجْراهُ إذا كان على بناء "فاعِلٍ"؛ لأنه يريد به ما أراد بـ "فاعِلٍ" من إيقاع الفعل إلا أنه يريد أن يُحَدِّثَ عن المبالغة". الكتاب ١/ ١١٠، ثم استشهد سيبويه على إعمال "فَعِيلٍ" بقول ساعِدةَ بن جُؤَيّةَ:
حَتَّى شَآها كَلِيلٌ مَوْهِنًا عَمِلٌ... باتَتْ طِرابًا، وَباتَ اللَّيْلُ لَمْ يَنَمِ
الكتاب ١/ ١١٤، ولم يجز المُبَرِّدُ إعمالَ "فَعِيلٍ"، فقال: "فأما ما كان على "فَعِيلٍ" نحو رَحِيمٍ وعَلِيمٍ، فقد أجاز سيبويه النصب فيه، ولا أراه جائزًا، وذلك أن فَعِيلًا إنما هو اسم الفاعل من الفعل الذي لا يتعدى، فما خَرَجَ إليه من غير ذلك الفعل فَمُضارِعٌ له مُلْحَقٌ به. . . واحْتَجَّ سيبويه بقول الشاعر:
حَتَّى شَآها كَلِيلٌ مَوْهِنًا عَمِلٌ... باتَتْ طِرابًا، وَباتَ اللَّيْلُ لَمْ يَنَمِ
والظرف إنما يعمل فيه معنى الفعل كَعَمَلِ الفعل، كان الفعل متعدِّيًا أو غَيْرَ مُتَعَدِّ". المقتضب ٢/ ١١٣ - ١١٤، وينظر: إعراب القرآن ٤/ ٣٧١، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٦٢، النكت للأعلم ص ٢٤٦ - ٢٤٨، شرح المفصل ٦/ ٧٢، ٧٣، شرح التسهيل لابن مالك ٣/ ٨٠، شرح الكافية للرضي ٣/ ٤٩١، ارتشاف الضرب ٥/ ٢٢٨١ - ٢٢٨٣، مغني اللبيب ص ٥٦٨، ٥٦٩، الدر المصون ٦/ ٢٨٤ - ٢٨٥، خزانة الأدب ٨/ ١٥٥ - ١٦٣ وغيرها.
(٢) يوسف ٣١.
(٣) وبها قرأ أيضًا السُّلَمِيُّ وأبو مَعْمَرٍ، ينظر: السبعة ص ٦٢٨، تفسير القرطبي ١٧/ ٢٧٩، البحر المحيط ٨/ ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>