للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحِجازِ (١)، ولكنهم يرفعون ما بعده على الابتداء والخبر، قال الفراء (٢): وهي لغة أهل نَجْدٍ، وأنشدوا على لغتهم:

٣٤٤ - وَيَزْعُمُ حِسْلٌ أنَّهُ فَزعُ قَوْمِهِ... وَما أنْتَ فَرْعٌ يا حُسَيْلُ وَلا أصْلُ (٣)

وقوله: {إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ} رفع بالابتداء؛ أي: ما أُمَّهاتُهُمْ {إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ} {اللَّائِي} جَمْعُ "الَّتِي"، يقال: اللَّائِي واللَّاتِي، ومحله رفع خبر ابتداءٍ محققٍ.

قوله: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} المُنْكَرُ: هو الذي لا يُعْرَفُ، والزُّورُ: الكَذِبُ، وهما نعتان لمصدر محذوف، وهو نصب بالقول؛ أي: لَيَقُولُونَ قَوْلًا مُنْكَرًا وَقَوْلًا زُورًا، يعني: كَذِبًا وبُهْتانًا (٤) {وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٢)} عَفا عنهم وغَفَرَ لهم بإيجاب الكَفّارةِ عليهم.

قوله: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا}؛ أي: يعودون إلى الجِماعِ الذي حَرَّمُوا على أنفسهم، فنَهاهُم اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عن الجِماعِ حَتَّى يُكَفِّرُوا.


(١) قال سيبويه: "هذا باب ما أُجْرِيَ مُجْرَى "لَيْسَ" في بعض المواضِع بلُغةِ أهل الحجاز، ثم يصير إلى أصله، وذلك الحرف "ما"، تقول: ما عَبْدُ اللَّهِ أخاكَ، وما زَيْدٌ مُنْطَلِقًا، وأما بنو تميم فَيُجْرُونَها مُجْرَى "أمّا" و"هَلْ"، أي: لا يُعْمِلُونَها في شيءٍ، وهو القياس لأنه ليس بِفِعْلٍ، وليس "ما" كـ "لَيْسَ"، ولا يكون فيها إضمار". الكتاب ١/ ٥٧.
(٢) معانِي القرآن ٢/ ٤٢، ٤٣، ٣/ ١٣٩.
(٣) البيت من الطويل، لِعَمْرِو بن خُوَيْلِدٍ، ويُرْوَى: "وَيَزْعُمُ حِسْدٌ. . . يا حُسَيْدُ".
اللغة: حِسْلٌ: اسم رجل، والحِسْلُ: ولد الضَّبِّ، وحُسَيْلٌ: تصغيره، فَرْعُ القومِ: شَرِيفُهُمْ، وتَفَرَّعَ القَوْمَ: عَلاهُمْ وفاقَهُمْ.
التخريج: الحيوان ٦/ ٩٤، الجليس الصالح الكافِي ١/ ٢٦٥، الوسيط ٤/ ٢٦٠، الإنصاف ص ٦٩٤، زاد المسير ٨/ ١٨٣.
(٤) قاله مكي في مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>