للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَفْقَهُونَ}؛ أي: لا يعلمون عَظَمةَ اللَّهِ، ومحل "أنْتُمْ" رفع بالابتداء، و {أَشَدُّ} خبره، و {رَهْبَةً} نصب على التفسير.

قوله تعالى: {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا} يعني اليهود من بني قُرَيْظةَ والنَّضِيرِ {إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ}؛ أي: لا يَبْرُزُونَ لِحَرْبِكُمْ، إنما يقاتلونكم مُتَحَصِّنِينَ بالقرى والجدران.

قرأ ابن عباس ومجاهد وابن كثير وأبو عمرو: "جِدارٍ" بالألف على الواحد، والمراد به الجمع؛ لأن جِدارًا يصلح جمعًا في المعنى حَمْلًا على الجنس؛ لأنه يُعْلَمُ أنَّهُمْ لا يقاتلونهم من وراء جِدارٍ واحِدٍ، وقد جاء: ناقةٌ هِجانٌ ونُوقٌ هِجانٌ (١)، وقرأه أبو عمرو بالإمالة، ورُوِيَ عن بعض أهل مكة: {جَدْرٍ} بفتح الجيم وجزم الدال، وهي لغة في الجِدارِ (٢)، وقرأ يَحْيَى بن وَثّابٍ بِضَمِّ الجيم وجَزْمِ الدال، وقرأ الباقون: {جُدُرٍ} (٣) بضم الجيم والدال على الجمع.

{بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ} يعني: بَعْضُهُمْ فَظٌّ على بعض، وبينهم مخالفة وعداوة، وهو قوله تعالى: {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا} يعني اليهود والمنافقين {وَقُلُوبُهُمْ


(١) قاله الفارسي فِي الحجة ٤/ ٣٧، وينظر: المحتسب لابن جني ٢/ ٣١٦.
(٢) قاله النحاس في إعراب القرآن ٤/ ٣٩٩، وقال الجوهري: "الجَدْرُ والجِدارُ: الحائط، وجمع الجِدارِ جُدُرٌ، وجمع الجَدْرِ جُدْرانٌ مثل بَطْنٍ وبُطْنانٍ". الصحاح ٢/ ٦٠٩، وهي لغة يمنية كما ذكر أبو حيان في البحر المحيط ٨/ ٢٤٧.
(٣) قرأ بالإفراد أيضًا ابنُ محيصن بخلاف عنه، واليزيديُّ، وقرأ ابنُ كثير في روايةِ هارونَ عنه، وابنُ محيصن: "جَدْرٍ"، وقرأ ابنُ وَثّاب والحسنُ وأبو رجاء، وابنُ كثير في روايةٍ أخرى عنه، وعاصمٌ والأعمشُ: "جُدْرٍ" بضم الجيم وإسكان الدال تخفيفًا، ينظر: السبعة ص ٦٣٢، تفسير القرطبي ١٨/ ٣٥، البحر المحيط ٨/ ٢٤٧، الإتحاف ٢/ ٥٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>