للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَتَّى} يعني: مُتَفَرِّقةٌ مُخْتَلِفةٌ أهْواؤُهُمْ مُخْتَلِفةٌ أعْمالُهُمْ، وهم مجتمعون على مُعاداةِ أهل الحَقِّ، قال مجاهد (١): {وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} لأن بني النضير يهودٌ، والمنافقين ليسوا بيَهُودٍ، ونصب {جَمِيعًا} لأنه مفعول ثانٍ لـ "تَحْسَبُ"، وليس على الحال (٢)، {ذَلِكَ}؛ أي: ذلك الاختلاف {بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (١٤)}.

ثم ضَرَبَ لَهُمْ مثلًا، فقال: {كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} يعني مُشْرِكِي مَكّةَ {قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ} يعني يَوْمَ بَدْرٍ {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٥)} في الآخرة، ونصب {قَرِيبًا} على الظرف، وقيل: هو نعت لظرف محذوف، قاله الصَّفّارُ (٣).

قوله تعالى: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ} الآية، يعنِي الشيطان وبَرْصِيصا العابدَ، وقصتهما مشهورة (٤)، {فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا}؛ أي: مُقِيمَيْنِ في النار، و {أَنَّهُمَا} في موضع رفع؛ لأنه اسم "كانَ"، والعاقبة الخَبَرُ، و {خَالِدَيْنِ} نصب على الحال والقطع من النار، وهذه قراءة العامة إلّا الحَسَنَ،


(١) تفسير مجاهد ٢/ ٦٦٥، وينظر أيضًا: جامع البيان ٢٨/ ٦١ - ٦٢، إعراب القرآن ٤/ ٤٠٠، الكشف والبيان ٩/ ٢٨٤.
(٢) "جَمِيعًا" مفعول ثانٍ لـ "تَحْسَبُهُمْ"؛ أي: تحسبهم مجتمعين، قاله النحاس في إعراب القرآن ٤/ ٤٠٠.
(٣) يعني النحاس، ينظر: إعراب القرآن ٤/ ٤٠٠.
(٤) خلاصة هذه القصة: أنه كان عابدًا مجتهدًا من بني إسرائيل، وكان يُؤْتَى بالمجانين فَيُداوِيهِمْ، فَأُتِيَ بامرأة مجنونة ذاتِ شَرَفٍ، فلم يَزَلْ به الشيطانُ حتى زَنَى بها، ثم قتلها، وكان لها إخوةٌ، فأتاهم الشيطان واحدًا واحدًا، وأخبرهم بما فعل بَرْصِيصا، فسار الناس إلى صومعته، فَأقَرَّ لهم برصيصا بما فَعَلَ، فلما رُفِعَ على الخشبة لِيُصْلَبَ أغراه الشيطان بالكفر ليخلصه، فَكَفَرَ ثم قُتِلَ. [الكشف والبيان ٩/ ٢٨٤ - ٢٨٦، الوسيط ٤/ ٢٧٦ - ٢٧٧، زاد المسير ٨/ ٢١٩ - ٢٢٢، عين المعانِي ورقة ١٣٣/ أ، تفسير القرطبي ١٨/ ٣٧ - ٤١، البداية والنهاية ٢/ ١٣٦، ١٣٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>