للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه كان يقرأ: "خالِدانِ فِيها" (١) فيرفعهما على خبر "أنَّ" (٢)، {وَذَلِكَ} يعني الخلود في النار {جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (١٧)}.

قوله تعالى: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ} فَرَكَّبْنا فيه العَقْلَ {لَرَأَيْتَهُ} يا محمد {خَاشِعًا} ذليلًا خاضعًا {مُتَصَدِّعًا} مُتَشَقِّقًا {مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} وهذا وصف للكافر بالقسوة، حيث لَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ يَخْشَعُ لِمَواعِظِ القُرْآنِ الذي لو نَزَلَ على جَبَلٍ لَخَشَعَ، ونصب {خَاشِعًا} و {مُتَصَدِّعًا} على الحال من الهاء في "رَأيْتَهُ"، و"رَأيْتَ" من رؤية العين، وقيل: مفعولٌ ثانٍ (٣) {وَتِلْكَ} ابتداء {الْأَمْثَالُ} نعته (٤) {نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٢١)}.

ثم أخبر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بربوبيته وعظمته فقال: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ} وهو ما غاب عن العباد مما لَمْ يُعايِنُوهُ ولَمْ يَعْلَمُوهُ {وَالشَّهَادَةِ} وهو ما عَلِمُوهُ وشاهَدُوهُ، وقال الحسن (٥): يعني السر والعلانية {هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (٢٢)}.

{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ} وهو ذُو المُلْكِ القادر على اختراع الأعيان {الْقُدُّوسُ} الطاهر من كل نقص وعيب، المُنَزَّهُ عَمّا لا


(١) قرأ ابن مسعود وزيد بن عَلِيِّ والأعمش وابن أبِي عَبْلةَ والمُطَّوِّعِيُّ: "خالِدانِ" بالرفع، ولَمْ أقف على أنها قراءة للحَسَنِ، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٥٥، تفسير القرطبي ١٨/ ٤٢، البحر المحيط ٨/ ٢٤٨، الإتحاف ٢/ ٥٣١.
(٢) الرفع جائز، والنصب أحسن كما قال العلماء، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ١٤٦، المقتضب، ٤/ ٣١٧، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ١٤٩، إعراب القرآن ٤/ ٤٠١ - ٤٠٢، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٦٧ - ٣٦٨، الإنصاف ص ٢٥٨ - ٢٥٩، التبيان للعكبري ص ١٢١٦ وغيرها.
(٣) هذا إذا كانت "رأى" عِلْمِيّةً، ينظر: البيان للأنباري ٢/ ٤٣٠، الفريد للهمدانى ٤/ ٤٥٢.
(٤) في الأصل: "مفعول ثانٍ ابتداء وتلك الأمثال نعته".
(٥) ينظر قوله في الكشف والبيان ٩/ ٢٨٦، مجمع البيان ٩/ ٤٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>