للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} {تُلْقُونَ} في موضع نصب على الحال (١)، و {عَدُوِّي} بمعنى أعدائي، وُحِّدَ -وهو يَقَعُ للجميع والواحد والمؤنث على لَفْظٍ واحِدٍ-؛ لأنه غَيْرُ جارٍ على الفعل.

والمَوَدّةُ: النَّصِيحةُ، والمعنى: تُلْقُونَ إلَى المشركين النصيحةَ وتُسِرُّونَها إليهم، يقال: ألْقَيْتُ إلَيْكَ سِرِّي وما عِنْدِي؛ أي: بَذَلْتُهُ لَكَ، وأطْلَعْتُكَ عليه (٢)، والباء صلة زائدة؛ أي: المَوَدّةَ، كقول القائل: أُرِيدُ أنْ أذْهَبَ وبِأنْ أذْهَبَ، قال اللَّه تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} (٣)؛ أي: إلْحادًا فيه.

نَزَلَتْ هذه الآيةُ في حاطِبِ بن أبِي بَلْتَعةَ (٤) حين كَتَبَ إلى أهل مكة يُخْبِرُهُمْ بِمَسِيرِ رَسُولِ اللَّه-صلى اللَّه عليه وسلم- إليهم لَمّاقَصَدَ فَتْحَ مَكّةَ، فكتب إليهم: إن


(١) وصاحب الحال هو واو الجماعة في "تَتَّخِذُوا"؛ أي: لا تتخذوهم أولياءَ حالَ كَوْنِكُمْ مُلْقِينَ، قاله النحاس في إعراب القرآن ٤/ ٤١٠، وذهب الفراء إلى أن جملة "تُلْقُونَ" صفة لـ "أوْلِياءَ". معاني القرآن ٣/ ١٤٩، وينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٧٠، الكشاف ٤/ ٨٩، البيان للأنباري ٢/ ٤٣٢، التبيان للعكبري ص ١٢١٧، الفريد للهمدانى ٤/ ٤٥٥.
(٢) قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة ١٢٠/ أ.
(٣) الحج ٢٥، وينظر ما تقدم ص ٧٠، وزيادة الباء هنا قال بها الفراء وأبو عبيدة وابن قتيبة وغيرهم، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ١٤٧، مجاز القرآن ٢/ ٢٥٧، تأويل مشكل القرآن ص ٢٥٠، غريب القرآن لابن قتيبة ص ٤٦١، وينظر أيضًا: إعراب القرآن للنحاس ٤/ ٤٠٩، وأجاز المنتجب الهمدانِي أن تكون الباء للسببية، فيكون المفعول محذوفًا، والمعنى: تُلْقُونَ إليهم أخْبارَ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بِسَبَبِ المَوَدَّةِ بينكم وبينهم. الفريد للهمداني ٤/ ٤٥٦، وينظر أيضًا: البحر المحيط ٨/ ٢٥١، الدر المصون ٦/ ٣٠١.
(٤) حاطب بن عَمْرِو بن عُمَيْرِ بن سَلَمةَ بن لسَهْلِ اللَّخْمِي، شهد الوقائع كلها مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان من أشد الرُّماةِ، بَعَثَهُ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بكتابه إلى المُقَوْقَسِ بمِصْرَ، توفِّيَ سنة (٣٠ هـ). [الإصابة ٢/ ٤، ٥، الأعلام ٢/ ١٥٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>