للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يريدكم، فَخُذُوا حِذْرَكُمْ، فنَهاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عن مُوالاةِ الكُفّارِ؛ لأنه قد كان أسْلَمَ، وشَهِدَ بَدْرًا (١).

قوله: {وَقَدْ كَفَرُوا} يعني أهل مكّة {بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} يعني الوَحْيَ والدِّينَ واوُوَى الذي جاء به محمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم-، والواو في قوله: {وَقَدْ} واو الحال، والمعنى: وَحالُهُمْ أنَّهُمْ كَفَرُوا بما جاءكم من الحق {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ} يريد: من مكة {أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ}؛ أي: لِأنْ تُؤْمِنُوا باللَّه رَبِّكُمْ، أخْرَجُوكُم لإيمانكم باللَّه (٢) {إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي} {إِنْ} شرط، وجواب الشرط متقدم وهو قوله: {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ}، ونصب {جِهَادًا} على المصدر، وهو في موضع الحال، تقديره: مُجاهِدِينَ (٣)، وقيل (٤): هو مفعول من أجله، وكذلك قوله: {وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي} مثله، {تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} يريد: بالنصيحة، قال الخليل (٥): "معناه: وَإيّاكُمْ -إنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهادًا فِي سَبِيلِي- أنْ تُسِرُّوا إلَيْهِمْ بِالمَوَدّةِ، فلما أسْقَطَ الحَرْفُ النّاصِبُ رَفَعَهُ على الصَّرْفِ".


(١) رَوَى البخاريُّ هذه القصة بسنده عن عَلِيِّ بن أبِي طالب في صحيحه ٥/ ٨٩ كتاب المغازي: باب غزوة الفتح، ٦/ ٦٠، ٦١ كتاب تفسير القرآن: سورة الممتحنة، ورواه مسلم في صحيحه ٧/ ١٦٨ كتاب فضائل الصحابة: باب من فضائل أهل بدر، وينظر: أسباب النزول ص ٢٨١.
(٢) قال المبرد: "وَفي القرآن: {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ} فالوقف: {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ}؛ أي: ويُخْرِجُونَكُمْ لِأنْ تُؤْمِنُوا باللَّه رَبِّكُمْ". الكامل ٤/ ١٢٨.
(٣) أجاز النحاس هذا الوجه في إعراب القرآن ٤/ ٤١٠، وبه قال الباقولِي والعكبري، ينظر: كشف المشكلات ٢/ ٣٦١، التبيان للعكبري ص ١٢١٧.
(٤) قاله الزجاج والنحاس، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ١٥٦، إعراب القرآن ٤/ ٤١٠.
(٥) الجمل المنسوب للخليل ص ٢١١، يعني أن "إيّاكُمْ" منصوب على التحذير، لا على العطف على "الرَّسُولَ".

<<  <  ج: ص:  >  >>