للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} يعني المؤمنين {أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} يعني مُهُورَهُنَّ {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ (١٠) أي: بحِبالِهِنَّ، قرأه العامة بالتخفيف من الإمْساكِ، ويكون الباءُ صلةً، مجازه: ولا تُمْسِكُوا عِصَمَ الكَوافِرِ، وقرأ الحسن وأبو عمرو ويعقوب وأبو حاتِمٍ: {وَلَا تُمْسِكُوا} (١) بالتشديد من التَّمَسُّكِ، يقال: مَسَّكْتُ بِالشَّيءِ وَتَمَسَّكْتُ بِهِ (٢).

والعِصَمُ حمع العِصْمةٍ، وهي ما اعْتُصِمَ به من العَهْدِ والسَّبَبِ، وأصل العِصْمةِ الحَبْلُ، وكُلُّ ما أمْسَكَ شيئًا فقد عَصَمَهُ (٣)، قال عبد الملك بن هشام (٤): وواحد العِصَمِ عِصْمةٌ، وهي الحَبْلُ والسَّبَبُ كما تقدم، قال أعْشَى قَيْسِ بن ثَعْلَبةَ:

٣٥٥ - إلى المَرْءِ قَيْسٍ نُطِيلُ السُّرَى... وَنَأْخُذُ مِنْ كُلِّ قَوْمٍ عِصَمْ (٥)


(١) قرأ الحسن وأبو العالية وابن أبِي ليلى، وابن عامر وأبو عمرو في رواية عنهما: {تَمَسَّكُوا}، وقرأ الحسن وأبو عَمْرٍو في رواية أخرى عنهما، ومجاهدٌ وابنُ جبير والأعرج ويعقوب واليزيديُّ: "تُمَسِّكُوا"، وقرأ الحسن أيضًا: "تَمْسِكُوا"، ينظر: السبعة ص ٦٣٤، مختصر ابن خالويه ص ١٥٦، تفسير القرطبي ١٨/ ٦٥، البحر المحيط ٨/ ٢٥٤، الإتحاف ٢/ ٥٣٥.
(٢) قال الأزهري: "يقال: مَسَّكْتُ بِالحَبْلِ تَمْسِيكًا، وأمْسَكْتُ به إمْساكًا: إذا تَمَسَّكْتَ به ولَمْ تَحُلَّهُ مِنْ يَدِكَ". معانِي القراءات ٣/ ٦٦، وينظر: تهذيب اللغة ١٠/ ٨٧، الحجة للفارسي ٤/ ٣٨، الصحاح ٤/ ١٦٠٨.
(٣) قاله الزجاج والنقاش، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ١٥٩، شفاء الصدور ورقة ١٢٢/ أ، وينظر: غريب القرآن للسجستانِي ص ١٥٧.
(٤) السيرة النبوية لابن هشام ٣/ ٧٩٠.
(٥) البيت من المتقارب، للأعشى، من قصيدة له في مدح قَيْسِ بن مَعْدِي كَرِبٍ، ورواية البيت في ديوانه:
إلى المَرْءِ قَيْسٍ أُطِيلُ السُّرَى... وَآخُذُ مِنْ كُلِّ حَيٍّ عُصُمْ =

<<  <  ج: ص:  >  >>