للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِبُغْضِ زَوْجِها، ولا خَرَجَتْ عِشْقًا لِرَجُلٍ من المسلمين، وما خَرَجَتْ إلا رَغْبةً في الإسلام، وهذا معنى الامتحان المأمورِ به (١)، و {مُهَاجِرَاتٍ} في موضع نصب على الحال.

نزلت هذه الآية في سُبَيْعةَ بنت الحارثِ الأسْلَمِيّةِ (٢)، لَمّا أسْلَمَتْ هاجَرَتْ إلَى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فجاء زَوْجُها يطلبها، وكان كافرًا، فَسَألَ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنْ يَرُدَّها عليه، وقد كان عليه السلام صالَحَ أهلَ مَكّةَ يوم الحديبية على أن يَرُدَّ عليهم مَنْ جاء منهم، فنَهاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عن ذلك، وأنزل هذه الآية إلى قوله: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} فَأعْطَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- زَوْجَها مَهْرَها وما أنْفَقَ عليها، ولَمْ يَرُدَّها عليه، فَتَزَوَّجَها عُمَرُ -رضي اللَّه عنه- بعد ذلك (٣).

ومحل {هُنَّ} مهو رفع بالابتداء (٤)، وكذلك قوله: {وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}، وقوله: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} هو في موضع نصب أعني: {مُؤْمِنَاتٍ}، لأنه مفعول ثان لـ "عَلِمَ".


(١) قاله ابن عباس، ينظر: جامع البيان ٢٨/ ٨٦، الكشف والبيان ٩/ ٢٩٥، زاد المسير ٨/ ٢٤١، تفسير القرطبي ١٨/ ٦٢.
(٢) صحابية رَوَى عنها فُقَهاءُ المدينة والكوفة من التابعين. [أسد الغابة ٥/ ٤٧٢، الإصابة ٨/ ١٧٢ - ١٧١].
(٣) هذا قول الفراء والثعلبي، ينظر: معانِي القرآن ٣/ ١٥٠، ١٥١، الكشف والبيان ٩/ ٢٩٤، وقيل: إنها نزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبِي مُعَيْطٍ، ينظر: صحيح البخاري ٣/ ١٧٢ كتاب الشروط: باب ما يجوز من الشروط في الإسلام، وينظر: أسباب النزول ص ٢٨٤، تفسير القرطبي ١٨/ ٦١.
(٤) يعني "هُنَّ" في قوله تعالى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>