للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول الفراء (١) -: أن محلها رفع على الابتداء، والتقدير عنده: وَلَكُمْ خُلّةٌ أُخْرَى، وهو اختيار الطبري (٢)، واستدل على هذا بقوله: {نَصْرٌ} و {فَتْحٌ} بالرفع على البدل من {أُخْرَى}.

قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ}؛ أي: أعْوانًا بالسيف على أعدائه، حَثَّ اللَّهُ المؤمنين على نُصْرةِ الجِهادِ والدِّينِ، والمعنى: دُومُوا على ما أنتم عليه من النُّصْرةِ، قرأ أبو عمرو وأهل الحجاز: {أَنْصَارَ اللَّهِ} (٣) بالتنوين، وهو اختيار أيوب، وقرأ الباقون بالإضافة، وهي اختيار أبِي عُبَيْدٍ وأبِي حاتم (٤) كقوله: {نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ} (٥) ولَمْ يَقُلْ: أنْصارٌ للَّه {كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} قرأ نافع وحده بفتح الياء (٦)، وأسكنها الباقون، والمعنى: مَنْ يَنْصُرُنِي مَعَ اللَّهِ (٧).

{قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ} وهم الذين قالوا: المسيح ابن اللَّه {فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا}؛ أي: قَوَّيْنا الذين آمَنُوا بِمُحَمَّدٍ


(١) معانِي القرآن ٣/ ١٥٤.
(٢) جامع البيان ٢٨/ ١١٥.
(٣) قرأ أبو عمرو وابن كثير ونافع والأعرج وأبو جعفر وعيسى بن عمر: {أَنْصَارًا للَّهِ} بالتنوين، ينظر: السبعة ص ٦٣٥، تفسير القرطبي ١٨/ ٨٩، البحر المحيط ٨/ ٢٦١، النشر ٢/ ٣٨٧.
(٤) ينظر اختيارهما في إعراب القرآن ٤/ ٤٢٣، الكشف والبيان ٩/ ٣٠٤.
(٥) آل عمران ٥٢، والصف ١٤.
(٦) قرأ بفتح الياء نافعٌ وأبو جعفر، ينظر: السبعة ص ٦٣٥، النشر ٢/ ٣٨٧.
(٧) يعني أن "إلى" بمعنى "مَعَ"، وهو قول الكوفيين وبعض البصريين، يجيزون نيابة حروف الخفض بعضها عن بعض، وقد سبق مثل ذلك في مواضع عديدة، وينظر أيضًا: معانِي القرآن للأخفش ص ٤٦، ١٣٣، أدب الكاتب ص ٤٠٩ - ٤١٠، غريب القرآن لابن قتيبة ص ٤٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>