للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال غيره (١): {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} و {وَتُجَاهِدُونَ} عطف بيان على ما قبله وتفسيرٌ للتجارة، ما هي؟ كأنه قال: هل أدُلُّكُمْ على تجارة؟ لَمْ يُدْرَ ما التجارة، فَبَيَّنَها بالإيمان والجهاد، فَعُلِمَ أن التجارةَ الإيمانُ والجهادُ، فيكون على هذا {يَغْفِرْ} جواب الاستفهام، محمول على المعنى؛ لأن المعنى: هَلْ تُؤْمِنُونَ باللَّهِ وتُجاهِدُونَ في سبيل اللَّه يَغْفِرْ لكم؟

قوله تعالى: {وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا}؛ أي: نِعْمةٌ أُخْرَى تُحِبُّونَها {نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ} قال الكلبي: يعني النَّصر على قريش وفتح مكة، وقال عطاء: أراد فتح فارس والروم {وَبَشِّرِ} يا محمد {الْمُؤْمِنِينَ (١٣)} بالنصر في الدنيا وبالجنة في العُقْبَى.

وفي محل {أُخْرَى} من الإعراب وجهان، أحدهما: الخفض عطفًا على {تِجَارَةٍ}؛ أي: وهل أدُلُّكُمْ على خُلّةٍ أُخْرَى تُحِبُّونَها؟، هذا مذهب الأخفش (٢)، ويرفع {نَصْرٌ} على إضمار مبتدأ؛ أي: ذَلِكَ نَصْرٌ أو هِيَ نَصْرٌ، والثانِي -وهو


(١) سبق قبل قليل بيانُ أن هذا في الأصل قول سيبويه والمبرد، ينظر: الكتاب ٣/ ٩٤، المقتضب ٢/ ٨٠، ١٣٣، ١٣٤، وهو أيضًا قول الفراء وابن السراج وابن خالويه، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ١٥٤، الأصول ٢/ ١٧٦، إعراب القراءات السبع ٢/ ٣٦٤، ٣٦٥، وللأخفش في المحرر الوجيز ٥/ ٣٠٤، وينظر أيضًا: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٧٤، ٣٧٥، التبيان للعكبري ص ١٢٢١، شرح المفصل لابن يعيش ٧/ ٤٧، شرح الكافية للرضي ٤/ ١٢٣، ارتشاف الضرب ٣/ ١٦١٧، مغني اللبيب ص ٥٢٢، ٦٢٩، وغيرها.
(٢) قال الأخفش: "قال: {وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا} يقول: وَتِجارةٍ أُخْرَى". معانِي القرآن ص ٤٩٩، وقد ضبطها محقق الكتاب: "وتجارة" بالرفع، وقال النحاس: "وعلى قول الأخفش الرفع بإضمار مبتدأ". إعراب القرآن ٤/ ٤٢٣، ومثله قال مَكِّيٌّ في مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>