للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القُدُّوسُ {الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١)} وقرأ الباقون بالخفض على النعت للَّه.

قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ} يعنِي العربَ، وكانت أُمّةً أُمِّيّةً لا تكتب ولا تقرأ {رَسُولًا مِنْهُمْ} يعني محمَّدًا -صلى اللَّه عليه وسلم-، نَسَبُهُ نَسَبُهُمْ، وهو من جنسهم، نظيرها قوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} (١).

وقوله: {يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ} يعني القرآن {وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢) أي: وما كانوا قبل بَعْثِهِ فيهم إلّا في ضلال مبين (٢)، وهو الشرك باللَّه تعالى.

قوله: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ} في محله من الإعراب وجهان، أحدهما: الخفض عطفًا على {الْأُمِّيِّينَ}، تقديره: في الأُمِّيين وفي آخَرِينَ منهم، وقيل: على الهاء والميم في {عَلَيْهِمْ}، والآخَر: النصب عطفًا على المضمر المنصوب في قوله: {وَيُعَلِّمُهُمُ}؛ أي: وَيُعَلِّمُ آخَرِينَ منهم (٣)؛ أي: من المؤمنين الذين يَدِينُونَ بِدِينِ محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقيل: معناه: وبَعَثَ في آخَرِينَ، يعني الأعاجم ومَنْ لا يتكلم بلغة العرب، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مبعوث إلى العرب والعَجَمِ، وقوله: {مِنْهُمْ} لأنهم إذا


= {الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} بالرفع، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٥٦، تفسير القرطبي ١٨/ ٩١، البحر المحيط ٨/ ٢٦٣.
(١) التوبة ١٢٨.
(٢) تأويله لهذه لآية يدل على أنه يأخذ برأي الكوفيين الذين يجعلون "إن" المخففة من الثقيلة نافية بمعنى "ما"، واللام الفارقة بمعنى "إلّا"، وقد تقدم مثل ذلك.
(٣) الوجهان: الخفض والنصب قالهما الفراء والزجاج والنحاس، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ١٥٥، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ١٦٩ - ١٧٠، إعراب القرآن ٤/ ٤٢٥ - ٤٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>