للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ}؛ أي: تَعاوَنا على أذَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قرأ أهل الكوفة: {تَظَاهَرَا} بتخفيف الظاء على الحذف، واختاره أبو عبيد، وقرأ الباقون بالتشديد على الإدغام (١)، واختاره أبو حاتم؛ لأن الأصل "تَتَظاهَرا"، فأدغمت التاء في الظاء.

وقوله: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ}؛ أي: وَلِيُّهُ وناصِرُهُ وحافِظُهُ {وَجِبْرِيلُ} وَلِيُّهُ {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} أبو بكر وعُمَرُ -رضي اللَّه عنهما-، وقيل: عَلِيُّ بن أبِي طالب -كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ-، وقيل: هم المخلصون الذين ليسوا بِمُنافِقِينَ، {وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (٤) أي: أعْوانٌ له بعد اللَّه وجبريل وصالحُ المؤمنين، قال الشاعر:

٣٦٨ - يا سَمِيَّ النَّبِيِّ أصْبَحْتَ للدِّيـ... نِ قِوامًا وَلِلإمامِ ظَهِيرا (٢)

يعني: عَوْنًا، وجمع صالِحٍ صالحون، وجمع ظَهْيرٍ ظُهَراءُ وظُهُرٌ.

وإنما قال: {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ}، ولَمْ يقل: صالِحُو ولا ظُهَراءُ؛ لأن لفظهم -وإن كان واحدًا-، فهو في معنى الجمع، وهذا من الواحد الذي يؤدي عن الجمع، كقوله: {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} (٣). وارتفع


(١) قرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وابن كثير وأبو جعفر ويعقوب: {تَظَاهَرَا}، وقرأ عكرمة: "تَتَظاهَرا"، وقرأ عبد الوارث عن أبِي عمرو: {تَظَّهَّرا}، وقرأ عاصمٌ وحمزةُ والكسائيُّ، ونافعٌ في روايةٍ عنه، والحسنُ وأبو رجاء وطلحةُ وخلفٌ: {تَظَاهَرَا} بالتخفيف، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٥٩، البحر المحيط ٨/ ٢٨٦، الإتحاف ٢/ ٥٤٨.
(٢) البيت من الخفيف، لَمْ أقف على قائله.
اللغة: قِوامُ الأمر: نظامه وعِماده، وقِوامُ الأمر أيضًا: مِلاكُهُ الذي يقوم به.
التخريج: السيرة النبوية لابن هشام ٢/ ٤١٠.
(٣) النساء ٦٩، وهذا قول الفراء والأخفش وغيرهما، ينظر: معاني القرآن للفراء ٣/ ١٦٧، =

<<  <  ج: ص:  >  >>