وهذا الوجه الثانِي ضَعَّفَهُ النحاسُ، فقال: "ربما تَوَهُّمَ الضعيفُ في العربية أن "مَنْ" في موضع نصب، ولو كان موضعها نَصْبًا لكان: ألا يعلم ما خَلَقَ؛ لأنه راجع إلى "بِذاتِ الصُّدُورِ"، وإنما التقدير: ألا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَها سِرَّها وَعَلَانِيَتَها". إعراب القرآن ٤/ ٤٧٠. والوجهان قالهما الثعلبيُّ في الكشف والبيان ٩/ ٣٥٩، والزمخشريُّ في الكشاف ٤/ ١٣٧، ١٣٨. وقد حكم مَكِّيُّ بن أبِي طالب على الوجه الثانِي بأنه قول أهل الزَّيْغِ، يعني المعتزلة، فقال: "وقال بعضُ أهْلِ الزَّيْغِ: إن "مَنْ" في موضع نصب اسم لِلْمُسِرِّينَ والجاهِرِينَ؛ لِيُخْرِجَ الكلامَ عن عُمُومِهِ، وَيَدْفَعَ عُمُومَ الخَلْقِ عن اللَّه، جَلَّ ذِكْرُهُ-، ولو كان كما زعم لقال: ألا يعلم ما خَلَقَ؛ لأنه إنَّما تقدم ذِكْرُ ما تُكِنُّ الصدورُ، فهو في موضع "ما". مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٩٢، وأيَّدَهُ في ذلك ابنُ عطية في المحرر الوجيز ٥/ ٣٤٠ - ٣٤١. وَرَدَّ السَّمِينُ الحلبيُّ على مَكِّيِّ، فقال: "ولا أدري كيف يلزم ما قاله مَكِّيٌّ بالإعراب الذي ذَكَرَهُ والمعنى الذي أبْداهُ؟، وقد قال بهذا القول، أعني الإعرابَ الثانِيَ، جَماعةٌ من المحققين، ولَمْ يبالوا بما ذَكَرَهُ، لعدم إفْهامِ الآيةِ إيّاهُ". الدر المصون ٦/ ٣٤٤، وينظر: اللباب لابن عادل ١٩/ ٢٤٣ - ٢٤٥.