للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجانِبُ، ومنه: مَنْكِبُ الرَّجُلِ والرِّيحُ النَّكْباءُ، وتَنَكَّبَ فُلَانٌ (١).

قوله: {وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ}؛ أي: مِمّا خَلَقَهُ اللَّهُ لكم في الأرض {وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (١٥)} وإلى اللَّه تُبْعَثُونَ من قبوركم.

ثم خَوَّفَ كُفّارَ مكة، فقال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (١٦)} قرأ قُنْبُلٌ: {وَأمِنْتُمْ} بقلب الهمزة واوًا، وقرأ الكوفيون وابن ذَكْوانَ: {ءَأَمِنتُم} بهمزتين، وقرأ الباقون: {أَأَمِنْتُمْ} (٢) بهمزة واحدة بعدها مَدّةٌ.

قال المفسرون: والمعنى في قوله: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} يعني عُقُوبةَ مَنْ في السماء، أو عَذابَ مَنْ في السماء، وأراد: مَنْ في السماء سُلْطانُهُ ومُلْكُهُ وقُدْرَتُهُ، لا بُدَّ من أن يكون هذا؛ لاستحالة أن يكون اللَّهُ في مكان أو موصوفًا بِجِهةٍ، وأهل المعانِي يقولون: {مَنْ فِي السَّمَاءِ} هو المَلَكُ المُوَكَّلُ بالعذاب، وهو جبريل عليه السلام، والمعنى: {أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} بِأمْرِهِ، {فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} تضطرب وتتحرك، فَتَعْلُو عليهم وهم يُخْسَفُونَ فيها، والأرض تَمُورُ


(١) الرِّيحُ النَّكْباءُ: التي تَعْدِلُ عن مَهابِّ الرِّيحِ القُوَّمِ، وتَنَكَّبَ فُلَانٌ الطَّرِيقَ، ونَكَبَ عنه: إذا عَدَلَ ومالَ عنه، قال الأزهريُّ: "قال الأصْمَعِيُّ: كُلُّ رِيحٍ من الرياح تَحَرَّفَتْ فَوَقَعَتْ بَيْنَ رِيحَيْنِ فهي نَكْباءُ، وقد نَكَبَتْ تَنْكُبُ نُكُوبًا. وقال أبو زيد: النَّكْباءُ: التي تَهُبُّ بَيْنَ الصَّبا والشَّمالِ". التهذيب ١٠/ ٢٨٧.
(٢) قرأ قُنْبُلٌ عن ابن كثير: "النُّشُورُ وامِنْتُمْ" بقلب الهمزة الأولَى واوًا لِضَمِّ ما قبلها مع تسهيل الهمزة الثانية، وهذا في الوصل، فإذا ابتدأ حَقَّقَ الأُولَى وَسَهَّلَ الثّانِيةَ، وَرَوَى ابنُ شَنَبُوذٍ عن ابن كثير تَحْقِيقَهُما، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي وابن عامر: {أَأَمِنْتُمْ} بتحقيق الهمزتين، وقرأ قالُونُ عن نافع وأبو عمرو والبَزِّيُّ وأبو جعفر وهشام بِخُلْفِهِ: {أَأَمِنْتُمْ} بتحقيق الأولى وتسهيل الثانية، وأدخل أبو عمرو وقالُونُ بينهما ألِفًا، ينظر: السبعة ص ٦٤٤، الحجة للفارسي ٤/ ٥٣، ٥٤، تفسير القرطبي ١٨/ ٢١٦، البحر المحيط ٨/ ٢٩٦، الإتحاف ٢/ ٥٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>