للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورُوِيَ عن أبِي هريرة أنه قال: "الأرَضُونَ على نُونٍ، ونُونٌ على الماء، والماء على الصخرة، والصخرة لها أربعة أركان، على كل رُكْنٍ منها مَلَكٌ قائِمٌ في الماء".

وقيل (١): "لَمّا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الأرضَ وفَتَقَها، بَعَثَ اللَّهُ -سبحانه- من تحت العرش مَلَكًا، فَهَبَطَ إلَى الأرض حَتَّى دَخَلَ تَحْتَ الأرَضِينَ السَّبْعِ، فَوَضَعَها على عاتقه، وإحدى يديه بالمشرق والأخرى بالمغرب باسِطَتَيْنِ قابضَتَيْنِ على الأرَضِينَ السَّبْعِ حَتَّى ضَبَطَها، فلم يكن لِقَدَمَيْهِ مَوْضِعُ قَرارٍ، فَأهْبَطَ اللَّهُ تعالى من الفردوس ثَوْرًا له أربعون ألْفَ قَرْنٍ، وأربعون ألْفَ قائِمةِ أقْدامٍ، وجَعَلَ قَرارَ قَدَمِ المَلَكِ على سَنامِهِ، فَلَمْ تَسْتَقِرَّ قَدَماهُ، فَأحْدَرَ اللَّهُ تعالى ياقوتةً خَضراءَ من أعلى دَرَجةٍ فِي الفِرْدَوْسِ، غِلَظُها مسيرةُ خمسمائة عام، فوضعها من سَنامِ الثَّوْرِ إلَى أُذُنَيْهِ، فاستقرت عليها قَدَماهُ، وقُرُونُ ذلك الثَّوْرِ خارجةٌ من أقطار الأرض، ومِنْخَراهُ فِي البَحْرِ، فهو يتنفس كل يوم نَفَسًا، فإذا تَنَفَّسَ مَدَّ البَحْرُ، وإذا رَدَّ نَفَسَهُ جَزَرَ، فلم يَكُنْ لِقَوائِمِ الثَّوْرِ مَوْضِعُ قَرارٍ، فَخَلَقَ اللَّهُ تعالى صخرةً خضراءَ كَغِلَظِ سبْعِ سَماواتٍ وسبْعِ أرَضِينَ، فاستقرت قوائمُ الثور عليها، وهي الصخرة التي قال اللَّه تعالى فيها حكايةً عن لُقْمانَ: {يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ} (٢)، ورُوِيَ أن لُقْمانَ لَمّا قال هذه الكلمةَ انْفَطَرَ مِنْ هَيْبَتِها ومات، فكان ذلك آخِرَ حِكْمَتِهِ، فلم يكن للصخرة مُسْتَقَرٌّ، فَخَلَقَ اللَّهُ تعالى نُونًا، وهو الحوت العظيم، اسمه لُوثِيّا، وكُنْيَتُهُ بَلْهُوتُ، ولَقَبُهُ بَهْمُوتُ، فَوَضَعَ الصخرةَ


(١) ينظر هذا القول فِي الكشف والبيان ١٠/ ٥، ٦، معجم البلدان ١/ ٢٣، وهو منكر.
(٢) لقمان ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>